محمد بن سعيد المعمري*
وردنا اتصال من موظفة تعمل في إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة، تسأل عن واقعة تخصها، حيث أنها عندما استيقظت من النوم لاحظت وجود احمرار في عينيها وتورم جفنيها، فذهبت للجهة الطبية المختصة لإجراء الفحص وتلقي العلاج.
الطبيب الذي أجرى الفحوصات للموظفة لم يمنحها إجازة مرضية باعتبار أن حالتها لا تستدعي ذلك؛ فتواصلت مع مسؤولها المباشر “رئيس القسم” لإبلاغه بالواقعة، وطلبت منه اعتبار هذا اليوم إجازة طارئة، إلا أن المسؤول المباشر لم يوافق على طلبها مستندا إلى ما قاله الطبيب.
قرر المسؤول رفض سبب الغياب وأخبر الموظفة أنه سوف يخصم هذا اليوم من رصيد إجازتها الاعتيادية؛ إلا أنها شرحت له أنه يوجد إثبات يبرهن على مراجعة الجهة الطبية المختصة في هذا الشأن، كما أنها لا تتغيب عن العمل إلا بموجب القانون -كما هو يعلم- ومع ذلك أصر على موقفه؛ آخذا بقول الجهة الطبية المختصة وتطبيقًا للقانون على حد قوله.
الرأي القانوني في الإجازة الطارئة
الرأي القانوني في الحالة المعروضة يكون باستعراض نص المادة (77) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني 120/2004 والتي تنص على أنه: “يستحق الموظف لسبب طارئ يقدره رئيس الوحدة أو من يفوضه إجازة براتب كامل لمدة خمسة أيام في السنة، ويجوز منح الموظف ما لا يجاوز خمسة أيام أخرى لعذر خارج عن إرادته يقدره رئيس الوحدة”.
تطبيقًا لنص المادة المشار إليها أعلاه، تكون الموظفة مستحقة للإجازة الطارئة براتب كامل عن هذا اليوم الذي تغيبت فيه؛ ذلك أن هذا العذر لم يكن بحسبان الموظفة فهو سبب طارئ، كما أن الوضع الثابت بتورم الجفن يجعل الموظفة في حرج للذهاب للعمل؛ مما تتحقق معه إرادة المشرع من سنّ هذه المادة.
كما أن المسؤول المباشر لا يصح له البت في هذه الإجازة أصلًا باعتبار أن الخمسة أيام الأولى لهذا النوع من الإجازة من اختصاص رئيس الوحدة أو من يفوضه من سعادة الوكلاء أو مديري العموم ومن في حكمهم فقط، وعليه يكون البت في الإجازة الطارئة من رئيس القسم اغتصابًا للسلطة؛ باعتباره عيبًا جسيمًا في الاختصاص ينحدر به إلى مهاوي العدم.
وكان الأسلم لهذا المسؤول -وفق مهامه ومسؤولياته- أن يرفع الموضوع للأعلى منه في السلم الوظيفي مشفوعًا برأيه دون البت في الموضوع ورفضه كما حصل في الواقعة الماثلة، حتى يصدر القرار الإداري من الموظف المختص وهو رئيس الوحدة أو من يفوضه بما لا يقل عن وظيفة مدير عام أو من في حكمه.
ولا ينال مما تقدم أن الجهة الطبية المختصة حسمت الموضوع بعدم اعتبارها إجازة مرضية، ذلك أن عدم اعتبارها إجازة مرضية لا يسري على الإجازات الأخرى المقررة قانونًا، فمتى تحققت شروطها وجب منحها.
كما تجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن الإثبات يدعم الموافقة على طلب الموظف في الحصول على هذا النوع من الإجازة، إلا أنه لا يؤخذ من هذا في حال التعذر سقوط الحق؛ ذلك أن بعض الوقائع ليست محلًا للإثبات، مما يصح منح الموظف هذا النوع من الإجازة، وفق ما يقدره رئيس الوحدة أو من يفوضه.
ونضيف أيضًا أن منح الموظف يومًا واحدًا لا يسقط عنه باقي الأيام المقررة قانونًا -أي تسعة الأيام- لأن المشرع العماني وعلى النحو الوارد بصلب المادة لم ينص على اعتبار الاستحقاق قائما على المنح لمرة واحدة في السنة فقط؛ ما يبقى التطبيق على إبقاء العموم على عمومه، وهذا هو المعمول به بالجهات الإدارية.
مكتب محمد المعمري – محامون ومستشارون قانونيون
Cicrone7@gmail.com