د. هلال بن عبدالله الرقادي
بالإشارة إلى المرسوم السلطاني رقم(1995/16)؛ بإصدار قانون إقامة الأجانب، الفصل السابع (اللجوء السياسي)، نجد أن لكل دولة حق التمتع وبحرية واسعة بتحديد كيفية التعامل مع الأجنبي على إقليمها، وبالتالي حقها في احتجاز وإبعاد الأجنبي غير المرغوب فيه أو عدم دخوله أصلاً. وتقرير حق هذا الحق من المسائل الوقائية لها ولإقليمها من الخطر تبعاً لحقها في السيادة، لكن كل ذلك يقتضي أن تتقيد فيه الدولة وفق القواعد الدولية سواء العرفية منها أم الاتفاقية.
وللمشرع العُماني نظرة خاصة لهذا الأمر؛ إذ حصر منح حق اللجوء السياسي والإبعاد من السلطنة بأربع مواد هي: (25،24، 26، 27) من الفصل السابع من المرسوم السلطاني رقم (16/95م)، بإصدار قانون إقامة الأجانب، الفصل السابع منه (اللجوء السياسي).
وبتطرق إلى المادة (24) من القانون السالف الذكر نجدها نصت على: يجوز للأجنبي، إذا كان موضوع ملاحقة من سلطة غير عُمانية، لأسباب سياسية، أن يطلب منحه حق اللجوء السياسي والإقامة في السلطنة، متى كانت هذه الملاحقة تهدد حياته أو حريته، وكانت تلك الأسباب لا تتعارض مع السياسة العامة للسلطنة، ولا تخل بالمعتقدات الإسلامية، وذلك إلى حين زوال ما يتعرض له من أخطار.
نجد أن المشرع العُماني منح حق اللجوء بحصر السبب بدواعي سياسية فقط، دون ذكر أسباب دينية أو فكرية وخلافه….
شريطة أن تستهدف حياته أو حريته، مع عدم تعارض حقه من طلب اللجوء السياسي مع السياسة العامة السلطنة مع دولة طالب اللجوء أو مع الغير، ومع ما يخالف المعتقدات الإسلامية.
على أن ينظم وزير الدولة للشئون الخارجية، بالتنسيق مع السلطات المختصة، الأمور المتعلقة باللاجئين والمقيمين السياسيين.
أما المادة (25) من القانون نصت على: (يكون منح حق اللجوء السياسي أو الإقامة لأسباب سياسية بأمر سلطاني).
مع إعطاء الأجنبي في هذه الحالة بطاقة خاصة، دُون فيها جميع التفاصيل المتعلقة بهويته، وما قد يفرض عليه من التزامات.
عليه.. منح حق اللجوء يكون بناء على موافقة المقام السامي لجلالة السلطان المعظم حصراً. وبحال المنح يكون لطالب اللجوء السياسي وضع خاص ينظم إقامته على أراضي السلطنة تحدد ماله من حقوق وما عليه من واجبات.
وبذلك نجد أن المشرع حدد أسباب منح اللجوء السياسي على أراضي السلطنة على سبيل الحصر، وهي على النحو الآتي:
-منح حق اللجوء السياسي على أراضي السلطنة، يكون بناء على أوامر من جلالة السلطان المعظم.
-أن يكون منح حق اللجوء السياسي على أراضي السلطنة (لأسباب سياسية فقط، دون أي دوافع أخرى).
-أن يكون اللجوء نتيجة لأسباب دعت صاحب طلب اللجوء لطلبه لأسباب تستهدف حياته أو حريته.
-أن لا يتعارض منح حق اللجوء السياسي مع معتقدات دين الإسلام، التي تُدين به السلطنة.
أما عن آلية إبعاد طالب اللجوء السياسي من السلطنة وترحيله من أراضي السلطنة، فقد نصت عليه المادة (26): لا يجوز لمن منح حق اللجوء السياسي أن يقوم بأي نشاط سياسي طيلة إقامته في سلطنة عمان.
وبذلك يسقط حق طالب اللجوء المقيم بالسلطنة، بحال ممارسته لنشاط سياسي خلال فترة إقامته بالسلطنة، ويحق لسلطات العُمانية في حال حدوث ذلك إبعاد طالب اللجوء المقيم على أراضي السلطنة، ومثال على ذلك إبعاد أحد قادة أطراف النزاع اليمني بالتسعينات من أراضي السلطنة، بعد مخالفته لنص المادة المذكورة، مع الإبقاء على حقه بالإبعاد إلى الدولة الراغب بالذهاب إليها دون فرض دولة معينة عليه، إن كان يخشى فيها على حياته أو حريته؛ وهذا ما نصت عليه المادة (27) من القانون المشار إليه سلفاً. والتي جاءت على النحو التالي: (يجوز العدول عن منح الأجنبي حق اللجوء السياسي وأبعاده من السلطنة، كما يجوز، في أي وقت، تنفيذ حق اللجوء السياسي بشروط جديدة متى اقتضت الظروف ذلك، وإذا تقرر إبعاد اللاجئ السياسي، فلا يجوز ترحيله إلى دولة يخشى فيها على حياته أو حريته).
وحسناً فعل المشرع العُماني، بإجازة أبعاد الأجنبي مع إمكانية فرض شروط جديدة لتنفيذ حق منح اللجوء السياسي مع حق العدول عنه والأبعاد وفق مقتضيات الظروف المستجدة لاحقاً متى اقتضت الضرورة ذلك، حرصاً ليتماشى التشريع مع مقتضيات الظروف السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية مستقبلاً.
ختاماً .. وتعليقاً على نصوص القانون السابق؛ نجد أن المشرع أصاب بجوانب عديدة منه، وما قد يحسب عليه اقتصاره على أربعة مواد فقط، ومرور وقت يناهز العشرين عاماً من تاريخ صدوره، متأملين النظر به والتوسع بتفصيله وتوضيح محتواه ولو من خلال لوائح وأنظمة وتعليمات داخلية من المؤسسات صاحبة الاختصاص بتفعيل العمل بنصوص القانون السالفة الذكر (كوزارة الخارجية وشرطة عمان السلطانية وبعض الجهات الأخرى)؛ ولو أن الباحث يرى بحصر الاختصاص لجهة واحدة فقط تجنباً لازدواجية العمل والتعارض به؛ أو تخصيص لجنة معنية بهذا الأمر، لما للأمر من أهمية قصوى.