حمود بن علي الطوقي
تكتسب زيارة معالي عبدالسلام بن محمد المرشدي، رئيس جهاز الاستثمار العُماني، والوفد المرافق له إلى بوركينا فاسو ولقائه بفخامة الرئيس إبراهيم تراوري أهمية خاصة، إذ تأتي في إطار حرص سلطنة عُمان على تعزيز علاقاتها الاقتصادية والاستثمارية مع الدول الإفريقية الصديقة، واستكشاف فرص شراكات حقيقية في قارة تزخر بالموارد الطبيعية وفرص النمو.
وليس من المبالغة القول إن هذه الزيارة تذكّرنا بالجذور التاريخية للعلاقات العمانية–الإفريقية؛ فقد امتد الوجود العُماني منذ أكثر من ستة قرون من سواحل شرق إفريقيا مثل زنجبار وصولًا إلى سواحل المحيط الأطلسي، وساهم العمانيون في بناء جسور التجارة والثقافة والتنمية، ما يمثل إرثًا ثمينًا يمكن البناء عليه اليوم في إطار الشراكات الاقتصادية الحديثة.
وخلال هذه الزيارة، تابع أخي الأكبر سالم بن علي الطوقي، الذي يعد من أوائل رجال الأعمال العمانيين في بوركينا فاسو، مستجدات الزيارة واعتبرها خطوة مهمة في ظل توجه السلطنة لفتح آفاق التعاون مع العديد من الدول الإفريقية، حيث تندرج هذه الجهود ضمن الدبلوماسية الاقتصادية العمانية التي تسعى لتوسيع قاعدة الشراكات الاستثمارية والتجارية بين السلطنة ودول العالم.
وتتسم خبرة اخي سالم في بوركينا فاسو بالريادة، إذ تمتد منذ التسعينيات عبر شركته العاملة في مجال اللوجستيات والشحن، والتي كانت من أوائل الشركات العمانية والتي تتخذ من دبي مقراً لها والتي اكتشفت السوق البوركينية، وأسهمت في تعريف رجال الأعمال المحليين بالتجارة مع الصين ودبي، ما شكل نموذجًا للعلاقات الاقتصادية الناجحة .
ويرى خبراء الاستثمار أن هذه الزيارة تمثل فرصة ذهبية لاستكشاف السوق الإفريقية، وتعد بوركينا فاسو من الأسواق الواعدة في غرب إفريقيا، بما ينعكس إيجابًا على فرص السلطنة في تحقيق شراكات في مجالات مهمة، أبرزها:
قطاع المعادن والتعدين: الاستثمار في الذهب والمعادن النفيسة، ومشاريع المصافي والشراكات التقنية لتعظيم الاستفادة من الموارد.
قطاع الزراعة والصناعات الغذائية: تطوير الإنتاج الزراعي والتصنيع الغذائي والتعبئة والتغليف، وتصدير المنتجات للأسواق الإقليمية والدولية.
قطاع الطاقة المتجددة والبنية التحتية: مشاريع الطاقة الشمسية، شبكات الكهرباء والمياه، مع إمكانية تبادل الخبرات العمانية.
قطاع الخدمات التقنية والتحول الرقمي: نقل التجربة العمانية في تقنية المعلومات والابتكار المالي لدعم القطاع المصرفي والخدمات الرقمية في بوركينا فاسو.
قطاع التجارة والاستثمار المشترك: الاستفادة من الحوافز الحكومية والإعفاءات الضريبية والجمركية، وفتح أسواق جديدة للشركات العمانية.
أخيرا نقول : إن هذه المبادرة تأتي في توقيت استراتيجي، حيث تؤكد دور السلطنة في تعزيز التفاعل الاقتصادي والثقافي مع إفريقيا، وتفتح آفاقًا للشراكات التي تجمع بين التاريخ العماني الغني والخبرة العملية والإمكانات الاقتصادية الحديثة، لتكون عمان جسرًا للتعاون والتنمية المستدامة بين الشرق الأوسط والقارة الإفريقية.