عبدالله الشافعي- كاتب وصحفي مصري
الإسلام عظّم الكلمة وعظّم أجرها وثوابها، فبها يدخل المرء الدين وبها يخرج منه، وكانت أشد التحذيرات في ديننا الحنيف من خطر ما يتلفظ به اللسان.
الكلمة تخرج من الفم فتُكتب حسنة أو سيئة “ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”، ولقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسان معاذ رضي الله عنه وقال له: “كف عليك هذا … وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم”.
ويزيد الله عقابه لأولئك الذين يتفننون في قول الزور والبهتان، يُحدثون بما لم يرووا ويخوضون في أعراض الناس، يتلذذون بإشعال نار الفتنة وكسر مشاعر الآخرين.
الله سبحانه وتعالى قال: “الفتنة أشد من القتل”، وهؤلاء يسمعون وينقلون مع أنهم لم يكونوا شهودا، وحين يحدثهم من رآى وشهد بالحقيقة تجدهم كالذين يتخبطهم الشيطان من المس، لأن الحقيقة تفسد متعتهم في الكذب والزور والبهتان وخلق الفتن.
ليس الرائي كمن سمع، ليس من عاش الحقيقة بتفاصيلها كمن سمع عنها سواء كان السماع للحقيقة أو الزور، فالله خير شاهد وكفى بالله وكيلا.
ومن عظيم الأمور التي لا يَعْفُ الله عنها إلا بعفو صاحبها، أن يخوض المسلم في دم أخيه المسلم بغير وجه حق، يحدّث الناس بما لم يرَ، ويكفيه قول النبي: “لا يزال المؤمن في فُسْحة من دينه، ما لم يُصِب دمًا حرامًا”، سواء كان مشاركا في الدم بالفعل أو بمجرد القول.
إن ما يهوّن على أصحاب الابتلاءات في هذه الدنيا أنها قصيرة فانية، بعدها حسابٌ وربٌّ عادل يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، فما بالنا بالقصاص من الإنسان الذي وهبه الله العقل ليميز الخبيث من الطيب وحمله الأمانة لكنه كان ظلوما جهولا.
لا تستصغر عظم الكلمة وخطورتها، فرب كلمة لا تلقي لها بالا تهوي بها في نار جهنم، وحسبك قول النبي: “إذا عُمِلَت الخطيئة في الأرض، كان من شَهِدها فكرِهها، كمَنْ غاب عنها، ومن غاب عنها فرضِيَها، كان كمن شهِدها”.
نسأل الله العفو والسلامة