مريم الشكيلية
في ظل ما يشهده العالم من صراع مع وباء قاتل، وفي ظل تسابق العلماء والدول والمسؤولين وحتى الإنسان البسيط لهزيمة هذا الوباء وإعادة الحياة إلى طبيعتها، وإنقاذ الأرواح، تطل علينا بعض الظواهر الغريبة التي يتفاعل معها بعض شبابنا للأسف.
في ظل ما يقوم به الجنود ومواصلة الليل بالنهار من أجل رفعة أممهم وأوطانهم، ونسمع هنا وهناك تقدم وتسارع الخطى لدول وشعوبها من أجل حجز مقاعد لها في مصاف الدول المتقدمة والرائدة في شتى مجالات الحياة حتى يشعر مواطنوها بالفخر والازدهار، نجدنا نحن العرب في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم ويصارعها من أجل البقاء ومن أجل هزيمة عدو لا يرى بالعين المجردة، نتداول صورا لظواهر دخيلة على مجتمعاتنا تشمئز منها النفوس وتملأ قلوبنا بالغضب.
لقد تفشى في مجتمعاتنا ظاهرة كالنار في الهشيم وهي تدافع الشباب والذين هم عصب الأمم وعمودها يتدافعون في المقاهي لشرب القهوة في “رضاعات الأطفال”، وللأسف لمجرد ذكر هذا المصطلح تشعر بالاشمئزاز مصحوبا بالغضب لما وصل إليه حال شبابنا.
شباب أمتنا يشربون القهوة بهذه الطريقة الغريبة، ولا يشعرون بالخزي لما يفعلونه بل يقومون بالتقاط الصور والجهر بها علنا، وهو أمر مشين يجب أن يخجل منه صاحبه إن كان لديه ذرة من حياء سواء كان شابا أم فتاة.
تجد الشباب نبتت اللحى في وجوههم ويرتدون لباسا عربيا كلباس آبائهم وأجدادهم والعظماء من أمتهم، يخرجون علينا بهذه الصورة المؤسفة المخجلة دون رادع ضميري، ولا أستبعد أن تكون فتياتنا قد سلكن نفس الفعل وهن مربيات الأجيال.
قد يقولون هذه حرية أو هناك من هو مؤيد ومن هو معارض، ولكن أقول أنها ليست حرية، لأن الحرية هي أن تغلق باب بيتك عليك وتفعل ما تريده، ولكن لست حرا إذا كان الأمر يمس العادات والتقاليد وسمعة الوطن، ولست حرا إذا قمت بفعل يمس هيبة الأمة ويسلخ عن جلدها الوقار.
وإني أوجه سؤالا لمؤيدي هذه الظاهرة: هل تؤيد انسلاخ شباب الأمة عن وقارها وهيبتها؟ هل تؤيد وجود فئة وهذه الفئة سوف تعبث بجيل وتخرجه من عاداتٍ وتقاليدٍ وتربيةٍ وشموخٍ وعزٍ إلى جيل في مهب الريح لا يستند إلا على ظواهر مخزية وعابثه تجعل أوطانه في مصاف الدول المهمشة بلا وزن وبلا كرامة.
إن دخول هذه الظواهر علينا يعد انفلاتا وتخريبا ونخرا في جسد الأمة، ينتج عنه الخراب والمهانة في شخصية أبنائنا وشبابنا، ونحن أصاحب تاريخ مشرف وأبناء العلماء والعظماء وقبلهم نحن من أمة كرمها الله تعالى بالسيادة والكرامة، وبعث منا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أشرف خلق الله تعالى، هذا التشريف العظيم لا يمكن أن نركنه جانبا ونخوض مع الخائضين في ظواهر تهوي بنا إلى المهالك وإلى التأخر وشماتة الآخرين.
إنني أطالب المسؤولين أن يتخذوا موقفا حازما من هذه الظاهرة ومنعها منعا باتا من التداول على هذه الأرض الطاهرة، وألا يتركوا للمستهترين والعابثين بكرامة وهيبة الوطن وأبنائه مجالا لانتشار مثل هذه الظواهر المقززة التي يرفضها العاقل ويمقتها العقل.
*الصورة من محرك البحث العالمي (جوجل)