سعاد بنت علي العريمية
أبي قامة شامخة في فن “الرزحة” في ولاية “صور” ومحافظة جنوب الشرقية كلها، ولا أبالغ إن قلت أن مهارته تجاوزت محافظة شمال الشرقية أيضا بأوديتها وبواديها.
أبي العاشق لهذا الفن حد الانتشاء الذي يجعله يدندن طربا يوم أن يستعد لرزحة مدعو لها، أراه يجهز بندقيته وسيفه وترسه وخنجره، تلك أدواته التي تماثله في البسالة والقوة والصلابة، فيتفنن في تلميعها ليزيد بهجتها بالمناسبة الموعودة، ويختار “دشداشة” و”مصرّا” يتفرد بألوانهما التي تزيده هيبة.
وكما أنه يتفرد بفنه وهيئته، فإنه يحوّل ميدان “الرزحة” إلى مسرح يبتكر فيه أدوارا رجولية تناسب هذا الفن، فيختار المنافس له أخي سلطان، الابن الذي تربى ليكون منافسا قويا له ومساندا في ذات الوقت، يبتكر أبي مواقفا ويسانده أخي سلطان، فتتجه الأنظار كلها لهما دون غيرهما، وتشرئب أعناق المشاركين والحاضرين لموقفهما التمثيلي، وتلاحقهما عدسات الكاميرات، فيغدو أبي بطلا يصعب أن يتكرر، وطائرا يحلق في سماء المكان.
تنسجم طاقة أبي الروحية بطاقة المكان فيبدو أكثر اتساعا وأعلى ارتفاعا، وهكذا الفنون إذا انسجمت مع الروح العاشقة لها، تظهر طاقات من الإبداع الإنساني الفريد ويظهر عمل فني غير مسبوق.
هكذا أبي مشبع بهذا الفن من أخمص قدميه إلى هامة رأسه المتعالية، فيتحرك بطريقة هادئة ومتزنة وممتلئة بالقوة في ذات الوقت، فكم يفخر بك هذا الفن العماني الأصيل الذي شابه قسمات وجهك رجولة وشموخا يا أبي، وكم نفخر بك نحن، وحق لأبناء هذا الوطن أن يفخروا بهذا الفن الذي يجسد شجاعة وجمال أرواح رجال هذا البلد.
علينا أن نعيد الاهتمام بفن “الرزحة” ونشجع أبناءنا ليكونوا مجيدين لهذا الفن، فالفنون حياة للشعوب الباقية عبر الأزمنة.
- الصورة بعدسة: منذر بن حمد بن سالم الحارثي