مسقط _ شؤون عمانية
ضمن جهود السلطنة الحثيثة للحفاظ على الإرث الطبيعي من الحياة البرية، حظرت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه تداول واستخدام عقار ’الديكلوفيناك‘ في الرعاية البيطرية، وقد رحبت جميعة البيئة العُمانية بهذه الخطوة.
ويُعد هذا العقار والذي يُستخدم في مجال الثروة الحيوانية كمسكن للآلام ومضاد للالتهابات، إلا أنه شديد السمية للطيور الجارحة، بما في ذلك طيور الرخمة والنسور. وقد صدر قرار وزاري رقم 81/2020 بحظر تداول هذا المستحضر البيطري كترجمة حقيقية لحرص الدولة على صون هذه الكائنات المهددة بالانقراض مثل النسور والطيور الجارحة الأخرى.
وتعليقاُ على ذلك، قال الدكتور يحيى المعولي، المدير العام للثروة الحيوانية بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه: “هناك العديد من الأدلة المثبتة علمياً على مدى سُمية عقار ديكلوفيناك على هذه الطيور، ولهذا قررنا حظر استخدامه وتداوله في الرعاية البيطرية في السلطنة، وتوفير بدائل أكثر أماناً عنه. وعبر هذه الخطوة، يسعدنا الانضمام إلى عدد من الدول التي فرضت قيوداً شديدة على استخدامه لأضراره الجمة، بما في ذلك، باكستان والهند وإيران وبنغلاديش. ومن خلال سرعة اتباع الإجراءات اللازمة ، سيمكننا مواجهة التبعات في هذا المجال بشكل أسرع والتخفيف من الآثار المترتبة والتي تعاني منها العديد من الدول”.
تأوي السلطنة ما يقرُب من 39 نوعاً مختلفاً من الجوارح، والتي تعاني من تناقص أعدادها بما يدعو إلى القلق الشديد، ومثالٌ على تلك الطيور: الرخمة، والعُقبان السُهبيةٌ، والنسور الآذنة، والعُقبان المذهبةٌ، والصقور السحماء، والعُقبان الملكية الشرقية، والعُقبان الرقطاء الكبرى. وتم تصنيف العديد من هذه الأنواع على أنه مهدد بالانقراض أو معرض للخطر، وذلك على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة و الموارد الطبيعية، مع كون الرخمة أكثرها أهمية. وتُعد أكبر المخاطر التي تُهددُ وجود هذه الطيورمنها التسمم المقصود وغير المقصود، والصعق بالكهرباء، وغيرها من المخاطر. ويحدث التسمم غير المقصود عبر استخدام مواد سامة بهدف قتل بعض الكائنات الضارة وغير المرغوبة أو من خلال التسمم الثانوي والذي يحدث أحيانا عبر العقارات البيطرية. تُعرف بعض الأدوية البيطرية السامة للطيور الجارحة بالأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات، ويندرج تحت قائمتها عقار الديكلوفيناك والذي يستخدم في مجال الثروة الحيوانية في السلطنة.
ومن جانبه، قال الدكتور أندرو سبالتون، عضو مجلس إدارة جمعية البيئة العُمانية: “على مدار الـ 25 عامًا الماضية، يُعد عقار ديكلوفيناك السبب الرئيسي وراء انخفاض أكثر من 90% من أعداد ثلاثة أنواع من النسور في جنوب آسيا، لا سيما في الهند، والتي تغذت على جثث الحيوانات النافقة التي تم علاجها سابقاً بالعقار الطبي، حيث يتسبب هذا العقار في إصابة النسور بالفشل الكلوي ولاحقاً الموت بما في ذلك العُقبان السُهبية المهددة بالانقراض عالميًا، والتي تستوطن أراضي السلطنة في فصل الشتاء بأعداد كبيرة”.
وأضاف الدكتور: “بينما نواصل بذل جهودنا الحثيثة لصون هذه الكائنات، يسعدنا أن نرى الدعم الكبير الذي توليه الحكومة للحفاظ على الموارد الطبيعية وحمايتها وصونها للأجيال القادمة عبر طرق متعددة، إحداها منع استخدام وتداول هذا العقار السام”.
وتعليقاً على ذلك، قال الدكتور مايكل ماكجرادي، مدير أبحاث منظمة الطيور الدولية: “نشيد بقرار وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، والذي سيسهم في منع الضرر الذي يمكن أن يسببه هذا العقار السام على مختلف الطيور الجارحة الموجودة في أرجاء السلطنة. فهذه الطيور الجارحة تُقدم خدمات بيئية جليلة بشكل مجاني تماماً، إذ أنها تساعد في الحد من تزايد أعداد الحشرات المختلفة، وتعمل على التخلص من النفايات الطبيعية وتَحدّ من انتشار بعض الأوبئة والأمراض، وهي بذلك تعطينا مؤشرا عاماً عن صحة البيئة. ولهذا، يقع على عاتقنا حماية هذه الكائنات حتى وإن كانت بصحة جيدة اليوم إذ يجب أن نواصل بذل جهودنا لضمان الحفاظ عليها بالنحو الأمثل لما لها من دورٍ أساسيٍ في الحفاظ على توازن النظام البيئي، ونكون مثالاً يحتذى به في مجال صون الموارد الطبيعية على الصعيدين المحلي والدولي”.
وتجدر الإشارة أن جمعية البيئة العُمانية أطلقت مبادرة موسعة مُنذ عام 2012 لإجراء البحوث وإيجاد أفضل السُبل للحفاظ على الطيور الجارحة، وتشملُ مسوحاتٍ ميدانية وعمليات للتتبعُ عبر الأقمار الصناعية وفعالياتٍ للتوعية المجتمعية. وقد أصدرت مؤخرًا كتيب معلوماتي “الطيور الجارحة في عُمان” وهو متاح عبر الإنترنت بشكلٍ مجانيٍ وذلك ضمن توجهاتِها لدعم الجهود والالتزامات الوطنية لصون هذه الجوارح الهامة والحيوية، وبهدفِ إدماج المجتمع في عمليات حماية هذه الطيور التي تستوطنُ عُمان أو تزورها فصلياً.