المحامي محمد بن سعيد المعمري
مكتب محمد المعمري/ محامون ومستشارون قانونيون
إن القانون بصفته الأداة الأولى لإدارة شؤون الحياة بمختلف طبقاتها ومجالاتها، يجب أن يكون متطورا ومتغيرا ليتماشى مع إيقاع الحياة بمختلف أحوالها وظروفها، فالتطور سمة الكون بأكمله، والتغير ماديا كان أو معنويا هو فطرة الله في خلقه.
كما أن سياسة الدول في مختلف مجالات الإدارة داخليا وخارجيا، تتطلب مراجعة القوانين وتطويرها وتمهيد الأرضية لها، من أجل الدفع بعجلة الحياة نحو تحقيق مزيد من العدالة، ويتطلب الوصول إلى هذا الهدف المرونة والحزم في صياغة القوانين.
وإدراكا من المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- لأهمية التطوير والتغيير، فقد أكد بتاريخ 23/2/2020م في أول خطاب له منذ توليه مقاليد الحكم على ذلك بقوله: “إننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئه وتبني أحدث أساليبه، وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة، لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها”.
وفي خضم المتغيرات التي طرأت مؤخرا على العالم بسبب انتشار وباء كورونا (كوفيد19)، وبعد أن أغلقت الدول حدودها وعُزلت المدن والمحافظات عن بعضها، ومُنِعت الكثير من الأنشطة التجارية كليا وجزئيا، وقُلل عدد الموظفين وخسرت معظم المشاريع التجارية، زاد عُمق الجراح التي أحدثتها أزمة الاقتصاد العالمي، لذلك كان لزاما تعجيل إعادة صياغة القوانين الإجرائية النافذة.
وتصديقا لخطابه التاريخي، فقد ترجم جلالته ذلك بإصداره قانون “تبسيط إجراءات التقاضي في شأن بعض المنازعات” بموجب المرسوم السلطاني رقم 125/2020م الصادر بتاريخ 12/11/2020م، وذلك نظرا لما تتطلبه المرحلة من سرعة في عملية التقاضي، إذ أن القانون والقضاء هما الركيزتان الأساسيتان لقيام أي نظام حكم مستقر ومتطور وعادل.
وفي هذا المقال نتطرق إلى أهم ما جاء في القانون وذلك على النحو التالي:
أولا : من حيث تاريخ العمل به:
صدر القانون بتأريخ 12/11/2020م ونشر في الجريدة الرسمية في العدد رقم (1367، بتاريخ 22/11/2020م, ويبدأ سريانه بعد ثلاثة أشهر أي بتاريخ 23/1/2021م.
ثانيا: الاختصاص الموضوعي:
1- خصص القانون مجموعة من الدعاوى التي تحمل طابع الاستعجال أو الأهمية أو الصفتين معا، لشمولها بنصوص القانون.
2- الدعاوى التي خصصها القانون جاءت في مادته الأولى وهي: “1-المنازعات التجارية المتعلقة بالاستثمار الأجنبي. 2- منازعات إيجار المساكن والمحال التجارية والصناعية. 3- المنازعات العمالية. 4- منازعات المقاولات. 5- المنازعات المتعلقة بإقرار الدين الصادر من الكاتب بالعدل”.
ثالثا: الإجراءات والأحكام الخاصة بالدائرة الابتدائية:
1- أوجب القانون تشكيل دائرة أو أكثر في كل محكمة ابتدائية، ودائرة استئنافية في كل محكمة استئناف للنظر في الدعاوى المنصوص عليها في القانون.
2- على الدائرة الابتدائية أن تصدر حكمها في النزاع خلال مدة لا تزيد على (30) يوما من تاريخ إحالته إليها وليس من تاريخ أول جلسة.
3- يجوز تمديد هذه المدة لمرة واحد مماثلة.
4- فإذا كانت الدعوى غير صالحة للحكم فيها خلال هذه المدة جاز مدها لمرة أخيرة.
5- ويجوز تمديد الميعاد المشار إليه أعلاه بما لا يزيد على أربعة أشهر في الدعاوى المتعلقة بالمقاولات والدعاوى التجارية الخاضعة لقانون استثمار رأس المال الأجنبي.
رابعا: الإجراءات والأحكام الخاصة بالدائرة الاستئنافية:
1- النصاب الانتهائي للدائرة الابتدائية مبلغ (2000ر.ع) ألفي ريال، فإذا لم تجاوز قيمة الدعوى المبلغ المذكور فإن الحكم يكون انتهائيا لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف، إلا في حالات استثنائية -جاءت على سبيل الحصر – وهي تلك المرتبطة بمخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، أو البطلان في الحكم أو البطلان في الإجراءات الجوهرية التي تؤثر في نتيجة الحكم، أو بوجود حكم سابق مخالف، أو في الأحكام الصادرة بالإخلاء أو تأييد قرار فصل العامل، أو في الدعاوى غير مقدرة القيمة المتعلقة بالمقاولات أو مشروع استثماري خاضع لقانون استثمار رأس المال الأجنبي.
2- في حال الاستئناف في الحالات الاستثنائية يجب إيداع كفالة قدرها (100ر.ع) مائة ريال عند تقديم صحيفة الاستئناف.
3- ميعاد الاستئناف (15) يوما من اليوم التالي لصدور الحكم، أو من تاريخ إعلان الحكم للمحكوم عليه في حال كان الحكم غيابيا.
4- يجب على الدائرة الاستئنافية أن تصدر حكمها في مدة لا تزيد على (30) يوما من تاريخ إحالته إليها وليس من تاريخ أول جلسة.
5- يجوز تمديد هذه المدة لمرة واحد مماثلة.
6- فإذا كانت الدعوى غير صالحة للحكم فيها خلال هذه المدة جاز مدها لمرة أخيرة.
7- ويجوز مد الميعاد أعلاه لمدد أخرى على ألا تتجاوز ستة أشهر في الدعاوى المتعلقة بالمقاولات والدعاوى التجارية الخاضعة لقانون استثمار رأس المال الأجنبي.
خامسا: الإجراءات والأحكام الخاصة بالطعن أمام المحكمة العليا:
1- الأحكام الصادرة من الدائرة الاستئنافية تكون غير قابلة للطعن عليها بالنقض أمام المحكمة العليا إلا وفقا لأحكام الطعن على الأحكام الانتهائية.
2- يستثنى من ذلك الدعاوى التي تجاوز قيمتها (150000ر.ع) مائة وخمسين ألف ريال، المتعلقة بمنازعة تجارية لمشروع استثماري خاضع لقانون استثمار رأس المال الأجنبي.
3- على المحكمة العليا في حال كان الطعن جائزا أن تحكم في الدعوى موضوعيا ولو كان الطعن لأول مرة.
سادسا: من حيث الاختصاص القيمي والنوعي:
1- تتميز الدائرة الابتدائية المشكّلة بموجب القانون باختصاصها بنظر جميع الدعاوى المذكورة بغض النظر عن قيمتها.
2- أما فيما يخص الاختصاص النوعي فقد أوجب القانون على المحكمة الفصل فيه بحكم مستقل خلال مدة أقصاها (8) أيام من تاريخ تقديم الدفع بعدم الاختصاص.
3- يجوز استئناف الحكم الصادر بعدم الاختصاص خلال مدة أقصاها (10) أيام من تاريخ صدوره، على أن تفصل الدائرة الاستئنافية في الطعن خلال (15) يوما من تاريخ تقديمه.
4- الأحكام الصادرة من الدائرة الاستئنافية فيما يتعلق بالاختصاص النوعي تكون غير قابلة للطعن فيها أمام المحكمة العليا.
سابعا: من حيث الإجراءات عموما:
1- يختص قاضي الدائرة الابتدائية بإصدار الأوامر الوقتية والتحفظية وإصدار الأوامر على عرائض وأوامر الأداء في موعد أقصاه (48) ساعة من تاريخ تقديم الطلب .
2- يجوز التظلم من تلك القرارات وفقا للقواعد العامة في قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
3- خصص القانون بعض الإجراءات لتكون عامة شاملة لجميع أنواع الدعاوى سواء المشمولة بالقانون أو بقية الدعاوى.
ثامنا: من حيث الجانب التقني (الإلكتروني):
1- أجاز القانون رفع الدعاوى وقيد الطعون وإيداع المذكرات وتقديم الطلبات والاطلاع على أوراق الدعاوى إلكترونيا، وذلك في جميع الدعوى سواء الواردة في هذا القانون أو في بقية الدعاوى، وقد كانت المحاكم قبل ذلك تعمل على تقييد الدعاوى إلكترونيا دون مظلة قانونية.
2- كما أجاز القانون إعلان الأوراق القضائية عن طريق الرسائل الهاتفية المكتوبة، أو بأي وسيلة اتصال إلكترونية قابلة لحفظ الإعلان واستخراجه.
3– أجاز القانون إجراء المحاكمة عبر تقنية الاتصال المرئي والمسموع عن بعد، وهذا الجواز يشمل جميع القضايا الجزائية الأخرى.
4– وأعطى القانون الصلاحية لرئيس مجلس الشؤون الإدارية للقضاء في إصدار قرارات تنظم ذلك.
تاسعا: المنازعات العمالية:
1- اشترط القانون وجوب أن يتم تقديم المنازعة العمالية ابتداء للجهة المختصة بوزارة العمل، وفي حال تقديمها رأسا إلى الدائرة الابتدائية يكون مصيرها عدم القبول.
2- أوجب القانون انتداب قاضي للجهة المختصة بتسوية المنازعات العمالية، وذلك لضمان موافقة بنود الصلح للقانون، وليكون محضر الصلح سندا تنفيذيا بعد اعتماده.
3- أعطى المشرع محضر الصلح أمام الجهة المختصة بوزارة العمل قوة السند التنفيذي، ويتبع في التنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
عاشرا: المنازعات الإيجارية:
1- أعطى القانون لعقد الإيجار المسجل لدى البلدية قوة السند التنفيذي.
2- يتم ختم العقد بالصيغة التنفيذية، وفي حال رفض قسم التنفيذ وضع الختم عليه فيجوز اللجوء إلى رئيس الدائرة الابتدائية المذكورة، وليس رئيس المحكمة الابتدائية، بطلب أمر على عريضة بتسليمه الصورة التنفيذية.
الحادي عشر: الإقرار الشرعي (صك الدين):
أيضا اعتبر القانون إقرار الدين (صك الدين) الصادر أو المصادق عليه من الكاتب بالعدل سندا تنفيذيا يجوز تنفيذه عند حلول أجله بشكل مباشر.
الثاني عشر: التنفيذ:
1- أوجب القانون إنشاء قسم خاص لتنفيذ الأحكام والأوامر والقرارات الصادرة من الدوائر الابتدائية والاستئنافية المنصوص عليها في هذا القانون.
2- يندب للقسم عدد كاف من القضاة على أن يشرف على القسم أقدم القضاة.
3- يكون للقسم موظفين ومحضري تنفيذ مستقلين عن باقي قسم التنفيذ الشامل.
4- يختص قاضي التنفيذ بجميع المنازعات الوقتية والموضوعية.
5- الاستشكالات في التنفيذ –منازعات التنفيذ- لا توقف التنفيذ.
6- يجوز لقاضي التنفيذ في ظل وجود منازعة في التنفيذ إصدار أمر بوقف إجراءات التنفيذ إن كان له مقتضى.
7- في حال قرر القاضي وقف إجراءات التنفيذ، فإنه يلزم الفصل في المنازعة خلال (15) يوما من تاريخ وقف التنفيذ.
8- تستأنف الاستشكالات الموضوعية والوقتية أمام الدائرة الاستئنافية المذكورة.
9- ميعاد الاستئناف (7) سبعة أيام من تاريخ صدور الحكم الحضوري، ومن تاريخ إعلانه في الحكم الغيابي.
10- لا يترتب على الاستئناف وقف التنفيذ.
11- يجوز للدائرة الاستئنافية وقف التنفيذ مؤقتا إلى حين الفصل في الاستئناف.
12- لا يجوز حبس المنفذ ضده إلا إذا تم استدعاؤه ورفض الحضور، أو كان مقتدرا وممتنعا عن الوفاء.
الثالث عشر: الإجراءات الجزائية لقضايا الشيكات:
1- يبقى الاختصاص بنظر قضايا الشيكات لمحكمة الجنح وليس الدائرة الابتدائية المذكورة في القانون.
2- على محكمة الجنح الفصل في دعاوى الشيكات في مدة لا تزيد على (30) يوما من تاريخ إحالتها وليس من تاريخ أول جلسة.
3- يستثنى من المدة المذكورة فيما إذا تم الطعن بتزوير الشيك أو سرقته، فإنه يجوز تمديده لمدة أخرى مماثلة، فإذا لم تكن صالحة للفصل فيها جاز تمديدها لمرة أخيرة، أي بمدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ الإحالة.
4- على محكمة الجنح في حال انتهت إلى إدانة المتهم أن تقضي في الدعوى المدنية المتعلقة بها وجوبا.
5- تجوز المعارضة في الأحكام الغيابية خلال عشرة أيام، بينما في بقية الجرائم أسبوعين بحسب قانون الإجراءات الجزائية في المادة (230) منه.
6- يجب نظر المعارضة خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمها.
7- ميعاد الاستئناف في الأحكام الصادرة في قضايا الشيكات (15) يوما، من تاريخ النطق بها في الأحكام الحضورية أو الصادرة بمثابة الحضوري أو الاحكام الصادرة في المعارضة، ومن تاريخ صيرورته غير قابل للمعارضة في الأحكام الغيابية.
8- ميعاد الاستئناف بالنسبة للادعاء العام (30) يوما.
9- ينظر الاستئناف خلال عشرة أيام من تاريخ التقرير به.
10- الأحكام الاستئنافية الواردة بالقانون غير قابلة للطعن فيها أمام المحكمة العليا.