محمد اليافعي
لقد أساءنا وأساء المسلمين ما قامت به الصحيفة الفرنسية حين نشرت رسومات مسيئة لنبينا محمد (ﷺ)، وأساءنا أيضا تصريحات وإصرار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على الاستمرار والسماح بنشر الرسومات المسيئة في الصحف، بل وتعليقها على إحدى المباني الرسمية الفرنسية تحت حراسة مشددة من رجال الأمن الفرنسيين.
وفي ظل ما قامت به فرنسا على المستوى الشعبي والرسمي، يبقى السؤال الحتمي: أين نحن المسلمين من نصرة نبينا محمد (ﷺ)؟!.
في أوروبا يعاقب كل من يسيء إلى اليهود أو إلى الديانة اليهودية بحكم قانون الإساءة للسامية، بل ويعاقب أيضا كل من يشكك في حدوث المجازر التي يُقال إنها ارتكبت بحق اليهود في أوروبا “الهولوكوست”، وفي المقابل بين فترة وفترة تظهر لنا صحف ومجلات تسيء لنبينا محمد (ﷺ) وقرآننا ولديننا.
والمخزي أيضا ظهور رؤساء وزعماء بعض الدول ووزراء ومسؤولين يسمحون ويشجعون ويسيئون لنبينا محمد (ﷺ) وديننا وقرآننا، فلماذا نحن المسلمين لا يكون لدينا الغيرة الكافية والمطلوبة لنصرة نبينا العظيم الذي بعث رحمة للعالمين.
يجب أن ننتفض دفاعا عن نبينا وحبيبنا وقدوتنا وعزنا الذي نصلي عليه كل يوم في صلواتنا، وشفيعنا في يومٍ يتخلى عنا جميع الخلق إلا هو (ﷺ)، حيث ينادي ربنا ليشفع لنا ويقول: “يا رب أمّتي أمّتي”، نبينا الرحيم الذي يسقينا يوم القيامة من الحوض بيده الشريفتين ولا نظمأ بعدها أبدا.
صحيح أنه يوجد احتجاجات واستنكار ورد فعل من الشعوب المسلمة، سواء عبر منصات التواصل الاجتماعي أو غيرها من الوسائل الأخرى مثل مقاطعة المنتجات الفرنسية التي بدأت تظهر بعض ثمارها، ولكن للأسف لم تتوقف منذ سنوات طويلة هذه الإساءات المتكررة من قبل الصحف والمجلات والحكام والمسؤولين الغربيين.
إن الأمر هنا يحتاج إلى موقف حازم وقوي من قبل منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومن قبل كافة الحكومات العربية والإسلامية لإصدار قوانين دولية تجرم الإساءة لمقدساتنا الإسلامية، فمن يسيء لنبينا محمد (ﷺ) لن يردعه شيء إلا المواقف القوية والحاسمة تجاهه.
ونذكر هنا أنه عام 1890م ألّف أحد الفرنسيين مسرحية درامية بعنوان “محمد” وسلمها إلى الكوميديا الفرنسية ثم نشرت الصحف الغربية خبرا عن الشروع في إصدار التدريبات اللازمة لتقديم المسرحية وأن ممثلا سوف يؤدي دور نبينا محمد (ﷺ)، وتحتوي المسرحية على إساءة ونيل من شخص نبينا محمد (ﷺ)، وعندما سمع هذا الخبر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني -رحمه الله- عقد العزم على وضع حد لهذا التصرف، فأرسل على الفور للرئيس الفرنسي عن طريق السفير العثماني في باريس، خطابا وتحذيرات شديدة اللهجة بقطع علاقات دولته مع فرنسا إذا تم عرض المسرحية المسيئة للنبي محمد (ﷺ).
كما استدعى السلطان العثماني السفير الفرنسي في اسطنبول وخاطبه خطابا شديد اللهجة، قائلا: “أنا خليفة المسلمين عبد الحميد خان، سأقلب الدنيا على رؤوسكم إذا لم توقفوا تلك المسرحية”، وبعد ذلك صدر قرار من مجلس الوزراء الفرنسي بمنع عرض المسرحية المسيئة للنبي محمد (ﷺ)، وبعد ذلك سافر مؤلف المسرحية إلى بريطانيا لعرضها هناك، ومع ذلك استطاع أيضا السلطان عبد الحميد الثاني -رحمه الله- من منع عرضها هناك.
الدرس هنا يقول لنا: إن لم تتحرك الحكومات العربية والإسلامية من أعلى المستويات لإصدار قانون دولي يجرم الإساءة لمقدساتنا الإسلامية، وتوجيه خطابات وتحذيرات شديدة اللهجة إلى كل دولة تسمح بالإساءة لمقدساتنا الإسلامية، فإن الإساءات لمقدساتنا لن تتوقف، وسنكون بذلك قد رضينا على أنفسنا الذل والهوان أمام شعوب العالم، وسوف نُسأل كذلك أمام الله سبحانه وتعالى هل نصرنا ديننا ونبينا محمد (ﷺ) بما فيه الكفاية، أم تخاذلنا عن نصرته من أجل مصالح دنيانا الفانية.