حمد بن سعيد المجرفي
تتجلى سنة الله فى الكون ، وتتوالى رحمته سبحانه وتعالى فى تفاصيل الحياه ما بين مولود ومفقود وبين أخذ وعطاء .
امتحانات ربانية وابتلاءات يقدرها المولى عز وجل على الإنسان ليشعر بالندم على ذنب اقترفه ، وسعادة يستشعر بها العطاء ، ممدا يديه الى السماء ويهتف بالثناء والشكر، فليس هناك سعادة تقارن العطاءات ومثيلة كالسعادة بالصحة ، ولو كانت مثل ما يظنها البعض بأن السعادة تكمن فى الجيب وما يدخره الإنسان من أموال ، لما انفقت تلك الأموال جميعها من أجل البحث عن علاج لمرض عضال .
تسود بِنَا العلاقات ويتقطع الوصال ونشطب على الصداقات ، فترتكب الخطايا فى حق الصحبة ونسيء الظن ببعضنا البعض لأتفه الأسباب ، وهذا ما يوحي بالصرعة لشيطان الإنسان ، فيرتكب حماقة الأخطاء بلا مبالاة ، وحين يعى ثمن أخطاءه ينحسر ندما ويبقى مكابرا شيطان نفسه عن الإعتذار ، وكأنها كلمة آسف تضعف الشخصية أو تنقص حجمه .
يرسل الله للبشرية جنودا خفية من عنده ، لنستشعر العظمة الربانية ، فيسير الرياح والكوارث والأمراض وجائحات الأوبئة ليجعلها تذكيرا به ورحمة للعباد للرجوع اليه سبحانه وتعالى ، لنعي بأن لا قوة فى كوكب الأرض تساوي قوته الربانية ، ليقف العالم بأكمله صاغرا وضعيفا ، ويعود كل إلى حجمه الحقيقي هنا ندرك تماما مسألة أنفسنا عن ثمن الأخطاء ، ونتذلل الى الله بالاستغفار والتوبه والرجوع اليه .
فكم هو موجع ما حل بالبشرية من أمراض تفتك بها، فتتوقف على أثره الحياة بأكملها ، فلا صنائع ولا مصانع ليصبح الكل ينأى بنفسه ويهرول خوفا من الموت ، فيودع الابن أباه ، وتودع البنت أمها والأخ اخاه والجار جاره من خلف حاجز زجاجي، ولا سبيل له سوى أن يرفع يده مسلما ، فأي ضعف أكبر وأشد من هذا الضعف .
فعلينا بأن نستعيد ما تبقى من الذكريات ونقلب ملفات كل شاردة وواردة ، ونبادر بأن نتصالح مع أنفسنا ومع من ارتكبنا بحقه الأخطاء ونعتذر ، فلعلها عودة ألفة وبناء صداقة متينة لتخفيف عبء الهموم وتفريج الكرب ، ناهيك عن العاق بوالديه ، ألن يأن وقت البر بهم وطلب الصفح منهم ! ولمن حمل الحقد على أخيه ، قد حان وقت التصالح ، ولمن قطع صلة الرحم ومن أساء لصديقه حان وقت الاعتذار والعودة ، فالعود أحمد وكلمة رضى بابتسامة تنهي ما يعانيه العالم من ضيق هم وعناء .