سعاد علي العريمي
تسليم المهر لأهل الزوجة وما يصاحبه من طقوس مليئة بـ”البهرجة” أصبح تقليدا يقلق الكثير، ويستهوي الكثير كذلك.
لذا سأخطّ بعضا مما أعتبره واجب ديني يقع على عاتق كل مسلم في مجتمعنا الإسلامي، وذلك من مبدأ أن الدين -كل الدين- اختصره نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أنه “النصيحة”، فإن لم نكن من الناصحين فبالطبع سنكون من الآثمين.
ولست في مقام تزكية النفس، ولكن محبة في مجتمعي وديني وددت تغيير تقليد أصبح عادة متبعة عند تسليم المهر لأهل الزوجة، يبدأ التحضير لها منذ اللحظة الأولى التي تعلن فيها الفتاة قبول الزواج، حينها تبدأ أم العروس بالتخطيط لحفل التسليم.
هذه الطقوس التي يتم التجهيز لها تتضمن الاستفسارعن المطاعم التي تعد أفضل البوفيهات مع “البهرجة” المصاحبة لها من سماعات صوتية ضخمة، و”كوشة” مصغرة ودعوات لجميع المعارف بحضور هذه الليلة بما فيها من أغان وصخب، وكأنها ليلة زفاف وليس ليلة استلام المهر.
أمور أخرى تدخل تحت مظاهر “البهرجة” وهي الهدايا الفخمة التي يتحملها الزوج والتي تتجاوز قيمتها ألفي ريال، وكأن الهدية صداق إضافي أثقل به كاهل الزوج الذي قد يضطر للاستدانة من أجل دفع المهر والهدايا.
وهنا يبقى السؤال، أين نحن من سنة نبينا الكريم؟! ولماذا كل هذا التعقيد وكل هذه الطقوس؟!
لماذا أصبحت المراسم والطقوس أشبه بالزواج أربع مرات تبدأ من حفل تسليم المهر -العادة الغريبة والدخيلة في مجتمعنا- يعقبها عقد القران ثم ليلة الزفاف، وأخيرا التصبوحة، ومع هذه المراحل الأربعة هناك الكثير من أموال الزوج المهدرة، والتي أغلبها ديون متراكمة على عاتقه، ومصاريف من مهر الفتاة أو من جيوب أخوتها وأخواتها.
إننا نذكر ذلك ليس تقليلا من شأن الأعراس، ولكن للتخفيف من الأعباء التي ترافقه، ولنسأل أنفسنا: هل هذه الأمور من ديننا أم أن ارتباطنا بالماديات أصبح واضحا في كل شيء في حياتنا؟!.
إن سنة النبي الكريم لم تكن كذلك الذي نعيشه في واقعنا اليوم، فقد أوصى بالتيسير في الزواج بقوله: “خير النكاح أيسره”، وأوصى بالتيسير في المهر “الصداق” بقوله: “خير الصداق أيسره”، وهي دعوة من رسولنا الكريم لتيسر أمر الزواج؛ حفاظا على عفة الرجال والنساء.
إن الإسلام لم يحدد قدرا معلوما للمهر، ولكنه دعا إلى تيسيره لتيسير الحياة الزوجية التي تتطلب الكثير من المال، من أجل الإنفاق على الذرية.
وما جاء الصداق في الإسلام إلا إكراما من الله للمرأة، فهو حق مفروض على الزوج، وألزمه بدفعه بالمعروف، وقد ثبت في الحديث ولو بخاتم من حديد أو بذل منفعة سواء كان قليلا أم كثيرا.
وقد جعل الدين الإسلامي تقديره بالمعروف: “على الموسع قدره وعلى المقتر قدره”.
إن هذه المبالغات في الزواج وما يخصه دخيلة على مجتمعنا، فقد كان دفع المهر للزوجة لا يتجاوز مجموعة من الأهل ليكونوا شهودا على أحد أهم شروط عقد النكاح، وتقتصر ضيافتهم على القهوة والفاكهة، وهذه ضيافة اعتادتها الأسر العمانية ولا تكلفهم ولا تحملهم المشقة، ولكن أن يصل الأمر إلى أن يستدين أبو الزوجة وأمها مبالغ تصل إلى خمسمائة ريال عماني وقد تتعدى ذلك؛ لتكون وجبة عشاء فخمة لعدد ضخم من النساء، فهذا أمر يرفضه مجتمعنا العماني المسلم.
لذا نرجو أن تكون هناك دعوات للبعد عن هذه العادة التي لا تتوافق مع ديننا الإسلامي، وأن نكون ميسرين للزواج ولسنا معسرين له، وهذا ما نصح به قائد النهضة جلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- فقد أكد على ضرورة أن يكون المهر متناسب مع مقدرة الشباب العماني.
وأخيرا.. علينا دائما وأبدا أن نتحرى ما جاءت به شريعتنا الإسلامية في كل صغيرة وكبيرة في أمور حياتنا.
*الصورة من محرك البحث العالمي (جوجل)