أ.د دلال عباس*
“إنّ أحبَّكم إلى الله أنفعكُم لعيالِه”
التاريخ ميزان يَميز الخبيثَ من الطيّب، ويَميز الذي حكم الناسَ بالعدل من الظالمين، وسينطق بالحقّ حين يتساءل الآتون كما تساءلنا نحن: ما سرُّ عُمان؟
أسعدني الحظّ أنِ التقيتُ عمانيّين منذ بضع سنوات في أحد المؤتمرات بإحدى الدول العربيّة، وتكرّر اللقاء من بعد بآخرين في مؤتمرات أخرى وبلدان أخرى وحول مواضيع مختلفة، ودائمًا كنت أتساءلُ وأسأل عن سرّ العمانيّين، لماذا هم الوحيدون من بين كلّ العرب متصالحون مع أنفسهم ومع الآخرين؟ مثقّفون، متواضعون، واثقون من أنفسهم.
من أين أتى العمانيون بهذه الرفعةِ والطيبة؟ بعزّة النفس المجبولة بالتواضع؟ والتديّن الخالي من التمذهب، والذي لم تسوّده شوائب التعصّب المذهبيّ (وعمان كلبنان متعدّدة المذاهب والطوائف).
لماذا لم نسمع في نشرات الأخبار طيلة هذه السنين العِجاف اسمَ عُمانيٍّ واحدٍ شارك في المجازر التي تُرتكب هنا وهنالك؟
كنتُ أعتقد أنّ المثقّفين وحدهم هم الذين فكّكوا العِقَد التي تتلبّسنا نحن العرب، لكنّ زيارةً واحدةً إلى عُمان، تجعل الواحدَ منّا يلاحظ أنّ هذه الصفات، يتشاركها المثقّفون وأصحاب المناصب والعمّال والباعة البسطاء.
إنّه الدستور العمانيّ الذي ضمن حقوق المواطنين وعرّفهم واجباتهم، والسرّ في هذا الرجل العظيم الذي جعل عمان واحةً جميلةً أنيقةً لا تناطح السحب بالحجارة، وإنّما بالإنسانيّة، ويحلم بالعيش فيها الباحثون عن الأمن والأمان والطمأنينة.
عظيمٌ مَن هيّأ الظروف لبناء الإنسانِ ووضع خارطةَ طريق لمستقبل بلاده.
رحم الله المغفور له بإذن الله السلطان قابوس الحكيم (سرّ مجد عُمان)، وسبحان مَن قهر عباده بالموت.
*أكاديمية لبنانية وأديبة وباحثة في التاريخ الإسلامي