د/ خليل بن عبدالله الخليل*
رحلَ رجلُ الحكمة والتسامح والمصداقية، جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد – رحمه الله- ، بجسده عن سلطنة عمان الذي حكمها برشد ونزاهة وبراعة طوال 5 عقود.
رحل بجسده عن الخليج العربي الذي يجلّه أيّما إجلال، وعن العالم العربي الذي يعترف له بالسمو والحيادية، وعن العالم الذي يرى فيه النموذج للقيادة السياسية الرزينة.
أما روحه الطيبة فباقيةٌ تُثري المجتمعات والدول بالنقاء، وإرثه الزاخر في الحكم والسياسة قواعد للسلام والالتزام بالمواقف النبيلة، فالسلطان قابوس باقٍ كلما ذُكر اسم جلالته في المحافل رحمه الله.
إن القيادة مواقف، ومواقف السلطان قابوس رائدة وملهمة، فلقد جمع -رحمه الله- العمانيين في حياته وموته، واستطاع أن يصنع من سلطنة عمان العريقة دولة أمنٍ واستقرار وتنميةٍ وازدهار، ودولة إسلام معتدل وسلام وافر.
حافظ -جلالته- على التراث مع الأخذ بمبادئ الحضارة الحديثة، وبنى للسلطنة الجيش الوطني المدرب، لكنه نأى بها عن الحروب والأزمات، وخاض غمار السياسة لعقود بشجاعة ورويّة، متنزها عن الانفعالات والشعارات التي أضرّت بعالمنا العربي ومزقته، مما أعاد لعمان مكانتها التاريخية، وصنع لها المكانة الرفيعة بين دول الخليج بل بين دول العالم.
توجه -رحمه الله- للاستثمار في التعليم، فصنع من شباب وشابات عمان الكفاءات الوطنية الناضجة والبانية، وتوجه للحفاظ على البيئة فكانت عُمان نموذجا في ذلك.
لقد افتقدت السلطنة قائدها العظيم وباني نهضتها الحديثة، وافتقدنا في خليجنا المستهدف بالحروب والتمزق والمشاحنات، سلطان الحكمة والتسامح والسلام.
نشارك الشعب العماني في مشاعر الحزن على الفقيد وندعو للقيادة الجديدة -بقلوب مخلصة- بالسداد والتوفيق، فكلنا اليوم عمانيون مهما اختلفت ديارنا، مصابنا في افتقاد سلطان الحكمة والنبل والتسامح واحد، رحمه الله رحمة واسعة وألهم عُمان الأصالة قيادةً وشعبا الصبر والسلوان.
*أكاديمي وكاتب، عضو سابق بمجلس الشورى السعودي