بقلم: عمران بن علي الهطالي *
عندما تقرع باب مهن العداله وتتنقل بين مراكز التوقيف ومجمعات المحاكم العدلية، تفتح بابًا طالما كان مغلقًا على كثير من الناس، وينكشف لك غطاء المجتمع وزيف المثاليه وأسرار الأسر وخبايا العلاقات الأسرية، وتعرف وقتها أن العالم الوردي الذي كنت تعيش فيه هو عالمك، وأن المجتمع المخفي عنك خلف أسوار المنازل المحيطة بك هو مجتمع منغمس في التجارب الإنسانية التي تسبح مع وضد تلك الفطرة الربانية .
عندما تتأمل الجرائم المجتمعية تعيش يومياً قصص الطلاق لأتفه الأسباب، وترى أمام عينيك أسرًا تتقطع حبال الوصال بها، وأبناءاً يعقون آبائهم، بل الغريب عندما يأتي إليك أبناءٌ ظلمهم آباهم وجفوهم وهجروهم ليشكو لك طردهم من منزل آباهم، وتأتي لك فتاه تشتكي من ضرب أخاها لها، وأب يشتكي من هجر أبنائه، تدافع عن أبٍ ومرة عن إبن وثالث عن زوج ورابع عن زوجة تمثلهم جميعاً وتختصم لهم وتطالب باسمهم، تتلمس الحق وترتجي العداله تخاطر باسمك وسمعتك لتقف مع موكلك ويعتبرك الخصم خصماّ له وندا له فعيتبرك شريكاً في الجرم يكيل لك الويل والثبور ويدعو عليك وآخر يدعو لك …
تنقلنا الحياة بين أروقة المحاكم إلى فضاء ضيق واسع هو أشبه بتلك الثقوب السوداء التي تملأ السماء، ولكن كما اكتشفها انشتاين فلم يصدقه العالم حينها، فلن يصدقنا الآن عندما نقول له بأن هناك ثقوبًا سوداء، وسواد يتوشح كل تحركاتنا ومعاملاتنا وأسرارنا وعلاقاتنا، فيجيب علينا أن نغلق تلك الثقوب مهما كانت صغيره ونحل تلك المشاكل اليومية البسيطة ولا نتركها تتراكم وتكبر لتلتهم كل شي معها؛ فالثقوب السوداء في السماء وكما يعلم العالم اليوم هي ثقوب الزمن، فيها تختل الكتلة والمساحة والوقت وهو كما يقول علماء الفيزياء الإمكان والازمان. بحسب النظرية النسبية العامة .
إن الانسان ولو كان لا يستطيع أن يرى تلك الثقوب الدقيقه بعينه إلا إنه يستطيع أن يتحسسها دائما بمشاعره، فعندما تجد مشاعر الكراهية تتولد ضدك والمشاكل الصغيره تتكرر لديك يجب عليك أن توقف قطار الحياة وتلتفت لها، فإن سهولة حل المشاكل تكمن عند صغرها وعدم تركها تكبر، وأسلوب تقسيم المشاكل دائما هو ما يساعد في نجاح الحلول المعروضه لها، فالنجاح في الحياة والإستمرار في الانطلاق بها يجب أن يكون مبنيًا على أساس سليم وقاعدة متينه ليتمكن الإنسان من الثباب على الطريق وتحمل مخاطرة من أجل مستقبل مشرق لك ولجميع من تحب .
*محامي