محمد بن عيسى البلوشي
لا نشك للحظة واحدة حجم الجهد الذي يبذله زملائي المشتغلين في قطاع الإعلام والمهتمين بالشأن الإقتصادي، وأيضا لا نقلل حجم الإنتاج الذي نقرأه أو نطلع عليه بين الحين والأخر لعدد من المؤسسات الصحفية التي تغطي الأحداث الإقتصادية، ولكنها الرغبة الطامحة إلى أن نذهب لمساحة أرحب في تعريفنا للإعلام الإقتصادي وننشد التنوع في الإنتاج المعزز للمكاسب الإقتصادية.
يقول مصطفى عبدالرحمن في مقال كتبه حول أهمية الإعلام الاقتصادي: “يقوم الإعلام الاقتصادي بنقل وتحليل وتفسير التغيرات الاقتصادية التي تحدث في المجتمع وتشمل الأفراد والأماكن والقضايا المتصلة بالاقتصاد”، وهذا التعريف الذي ذهب إليه عبدالرحمن هي الإنطلاقة التي نبدأ منها رحلة “البحث والتمحيص في ثنايا المناهج الاقتصادية الإعلامية”.
تقوم وسائلنا الإعلامية اليوم بنقل الأحداث عبر قنوات متعددة، ويتم تغطية ما بها من فعاليات وكلمات ومعلومات، وهذا أمر جيد يجعل المتابع على مقربة من تلك الأحداث، ولكن تحتاج معظم الأنشطة الإقتصادية إلى تفسير وتحليل في ظل التغيرات المتسارعة التي تحدث على مستوى المشهد العالمي والتي توثر في كثير من الأحيان على مستوى الإقتصادات الإقليمية والمحلية، وهنا قد يتسائل سائل : هل لدينا كوادر إعلامية إقتصادية متخصصة في المجال الإقتصادي؟!، وربما أقف عند هذا السؤال لأحاول معكم الإقتراب من إجابته الملتهبة قليلا.
لا شك بأن المؤسسات الإعلامية تحاول جاهده في تغطية رسالتها الإعلامية من خلال تغطية ونقل جميع الأحداث والفعاليات التي تكون على أرض الوطن، سواء أكانت تلك البرامج إقتصادية أم رياضية أو ثقافية أو محلية. وتجتهد تلك المؤسسات رغم إمكانياتها في أداء مهامها على أكمل وجه، ولكن أعود بتلك المؤسسات وأسائلها عن سر تطور الإعلام الرياضي سواء من حيث المساحة التي يشغلها أو القنوات أو البرامج وأيضا حجم الكوادر العمانية المؤهلة في إعداد المحتوى والتحليل وكتابة المقالات وغيرها.
هذه المقارنه الطبيعية التي أذهب إليها في رحم الإعلام العماني ما هي إلا محاولة لفهم بأن وجود الإهتمام الكبير لقطاع الإعلام الرياضي هو ما أوجد التنوع في المنتجات الإعلامية وجعل من كوادرها البشرية مؤهلة بشكل جيد ومتطورة بتطور الإهتمام.. إذن يحتاج قطاع الإعلام الإقتصادي إلى إهتمام أكبر من مؤسسات الدولة المعنية دون إستثناء لمؤسسة أو تحميل مؤسسة عبئ الأخرى.
إن واقع الإعلام الإقتصادي يشير إلى شح البرامج المتخصصة في المجال الإقتصادية، وأيضا المساحة الضيقة التي تظهر منها عبر القنوات التلفزيونية والإذاعية، وندرة الكوادر البشرية المتخصصة في هذا المجال، وأيضا الأعداد القليلة للمحللين الإقتصاديين والماليين الذين يرفدون البرامج الإعلامية بأرائهم ويثرونها بروئاهم وتحاليلهم.
بلا شك هناك حلول عديدة تساهم في ردم الهوة بين واقع الإعلام الاقتصادي وما نأمل بأن يكون في مستقبلة. ولعل من يذهب إلى أهمية إيجاد تخصصات في الإعلام الاقتصادي في جامعة السلطان قابوس والكليات ذات العلاقة، وأيضا إيفاد الكوادر الإعلامية المشتغلة في الجانب الاقتصادي للمشاركة في برامج تدريبية متخصصة في الجانب الاقتصادي وورش العمل المهنية في داخل وخارج السلطنة، ينظر من النافذة المهمة لتفعيل دور الإعلام الاقتصادي، ولكن تبقى هذه الحلول وغيرها الكثير غير مؤثرة ما لم يكن هناك إهتمام من أعلى المؤسسة الإعلامية بأهمية تكثيف دور الإعلام الإقتصادي وتفعيله بشكل أفضل من واقعة الحالي، فوجود الاهتمام هو الذي يحدث الفارق في جميع الحلول التي قد تدور في فلك المختصين والمهتمين لهذا الملف.
إذًا؛ على الجهات المتخصة والمهتمه بشأن تفعيل دور الإعلام الإقتصادي مسؤولية كبيرة في رصد الإمكانيات المالية والبشرية المؤهلة في هذا القطاع والدفع بها نحو خدمة وتمكين أدواتها بما يحقق المعرفة الإقتصادية بواقع إقتصادنا وكيفية إستثمار الظروف وتحقيق أداء جيد على مستوى إقتصاد الأفراد أو المجتمعات أو المؤسسات للوصول إلى الإقتصاد الوطني، مع الإشادة الكاملة لجميع الجهود المخلصة التي لا زال الإعلاميون يبذلونها في سبيل تقديم أفضل المنتجات الإعلامية في الشأن الإقتصادي.