بقلم: أسماء سويد*
غاليتي …. ملهمتي …
بعد ان تكلمنا في المقالتين السابقتين عن قاعدتين مهمتين من قواعد المرأة القيادية، ننتقل للحديث اليوم عن القاعدة الثالثة وهي قاعدة متممة لما سبقها ألا وهي: قاعدة وضوح الهدف.
لابد ان تعي أولا صديقتي ان هناك فرقاً كبيراً وشاسعاً بين الأمنيات والأهداف، فالأمنية تبقى في عالم من الخيال البديع أشبه بالمخدر الذي ينقلك من واقع العجز الى عالم من الحلم، ما تلبثي ان تعودي بعده إلى الواقع لترتطمي به ارتطاما مؤلما يشعرك أحيانا باليأس والإحباط بل والكثير الكثير من مشاعر الضعف وعدم القدرة على البدء، ويجعلكِ تعيشين حالة من التحنيط كالمومياء مكبلة وأنتِ على قيد الحياة، تمر بكِ الأيام وتتقلبين بين ساعاتها وثوانيها تتحسرين على ما تفقدين من فرص تمر أمام عينيك.
لنحطم تلك القيود، ونغادر دائرة القيود الوهمية التي تكبل طاقتك وهدر ملكاتك، عليكِ أولا بالوعي ثم الوعي ثم الوعي.
هل لديكِ الكثير من الطموحات والاحلام؟ هل لديكِ أهداف واضحة تعملين على تحقيقها؟ هل لديكِ خططاً واضحة تسيرين عليها للوصول لأهدافكِ؟ أم ما زلتِ في عالم الامنيات؟
كثيرات منا يتخبطن بين عالم الأمنيات وأحلام اليقظة دون وعي للأدوات اللازمة لتحقيق ما يردن، مع أنهن يملكن أمنيات كبيرة وعظيمة فيما لو انتقلت من عالم التمني الى حيز التخطيط والتنفيذ.
ولنبدأ: ما هو هدفكِ في الحياة؟ ما هو ذلك الهدف المقدس والسامي الذي تجدين نفسكِ به ومن خلاله؟.
ليكن صديقكِ في رحلتنا قلماً وورقة تعينكِ على تفريغ سيل الأفكار المبدعة التي تتصارع في عقلكِ وضعيها على ورقتكِ لنرتبها معاً ونصوغ ذلك الهدف بخطوات بسيطة، لتجدي نفسكِ على طريق التخطيط والتنفيذ؛ فكلما وضح الهدف كان الوصول أليع سهلاً ويسراً رغم العقبات والتحديات التي لابد ان تواجهكِ؟.
أكتبي هدفكِ مهما كان كبيراً، ولنرى معاً ماهي، هل تنطبق شروط الهدف على ما كتبتي؟ فللهدف مجموعة من الشروط اذا توفرت ساعدت في مهمة التخطيط والتنفيذ، وهذه الشروط ممكن اختصارها في كلمة واحدة من خمسة أحرف ألا وهي: إيمان
– الألف الأولى ترمز لكلمة إيجابي، أي أن يكون هدفك ذو عائد نفع عليكِ وعلى من حولكِ، وان تصحبي إيجابية الإرادة والإصرار لتنقليه من حيز الأمنية الى حيز الهدف.
– الياء ترمز إلى يخصني، أي أن تكوني مسؤولة المسؤولية الشخصية عن تنفيذه، فمن منا لم ترغب أن يدرس أولادها مجالاً ما أو يحفظوا القران أو أن يحقق زوجها نجاحاً في عمله!!! هي مجموعة من الأهداف التي لا تخصكِ غاليتي؛ لوجود إرادةٌ أخرى مع إرادتكِ، وهدفكِ يجب أن يخصكِ أنتِ لا تدخل فيه إرادة ثانية قد تعيقه او تكون عقبة في تحقيقه.
– الميم وترمز إلى محدد، وهنا التحديد للزمان والمكان، متى أبدأ؟ ومتى أنتهي؟ وأين أبدأ؟ وايم انتهي؟ فلو أردتِ مثلا دراسة او حفظا او الشروع بمشروع خاص عليكِ أن تعي متى تاريخ البدء في التنفيذ ومتى تاريخ انتهاء التنفيذ، كما أين مكان البدء؟ هل الجامعة أم الدراسة اونلاين مثلا؟ ويندرج تحت محدد أيضا، كيف؟ ماهي آلية التنفيذ وكيف سأبدأ في تحقيق ذلك الهدف؟ ووضع الخطة والدراسة الأولية هي ما تعينك على وضوح الرؤية في ذلك التنفيذ، ماهي العقبات التي تعترض طريقك والتحديات التي قد تواجهك ويمكن تعديلها بعد البدء في التنفيذ، وإضافة ما يتطلبه الواقع منكِ، فهناك فرق كبير بين الخطط النظرية وبين التطبيق العملي، ولابد أيضا من وجود شخصيتين رئيسيتين في محدد الشخصية التحفيزية والتقييمية، فالأولى هي: من تشترك معك بهدفكِ جمعكما حب ذلك الهدف والرغبة في تنفيذه لتكون لكِ كهارون تشدي بها أزركِ تقوي عزيمتكِ وتحفزكِ وتبادلينها همومكِ وتعينكِ على تجاوز العقبات ومشاعر الإحباط في مرحلة ما من التنفيذ، كما الشخصية الثانية هي: الشخصية التقييمية التي تعتبر مرجعكِ وتقيم سيرك على طريق التنفيذ للهدف الذي تسعين لتحقيقه صاحبة الخبرة والمشورة في ذلك الأهداف تمدك بالأفكار والمقترحات.
– ألف الثانية هي أداة قياسك لذلك الهدف، هل أنتِ على الطريق الصحيح؟ هل أنتِ تقومين بالعمل والخطوات على الوجه المرجو للوصول أم أنكِ حدتي عن الطريق؟ كالميزان الذي يدلكِ على أنكِ تتعبين برنامجا مناسبا لكِ في التخلص من الوزن الزائد، فلو أن ميزانكِ كان مؤشره سلبي فذلك يعني اما انك تتبعين برنامجا لا يتناسب معكِ أو أن خطوات التنفيذ لا تتم على النحو الصحيح.
– النون هي النتائج والاثار التي ستحصلين عليها من هدفكِ، هل هي نتائج إيجابية تعود عليكِ بالنفع والفائدة بالإنجاز والتميز أم أن ذلك الهدف ستكون عوائده خسارة في الوقت والجهد او غصة في الصدر؟ فلو تمت دراسة النتائج من البداية لابد ان تجدي فيها ما يسعد قلبكِ رغم وجود بعض الاثار الغير متوقعة من الهدف، لكنك قادرة على تجاوزها والتعامل معها، فعندما تكون آثاره الإيجابية أكثر وأعم من السلبية ستجدين أكثر وأكثر في سبيل تحقيقه مع الوعي الكامل للنتائج والتحمل لتلك المسؤولية بعده.
بعد أن تضعي هذه الشروط الخمسة في عين الاعتبار لتنطبق على هدفكِ؛ تحلي بالمرونة وابتعدي عن التشنج أو التشدد بالتنفيذ، وادرسي هدفكِ جيدا كي لا تصابي باليأس والإحباط على طريق التنفيذ، فقد تواجهكِ بعض العقبات التي لم تكن في الحسبان، وذلك لا يعني تخلييك عن هدفكِ وانما التحلي بالصبر ودراسة الواقع ليكون التنفيذ أسهل وأيسر.
ومما يساعدكِ على يسر التنفيذ تقسيم الهدف الكبير إلى أهداف صغيرة، فلكل مرحلة وقتها وأدواتها، وكلما استغرقت في التنفيذ اكتسبت الخبرات اللازمة التي تعينكِ على وضوح الهدف وتعديله وبلورته بما يتناسب مع كل مرحلة من مراحل تنفيذه.
ولابد من القول: أن مما يتوج تحقيق هدفكِ والوصول اليه؛ الثقة بالله والاستعانة به، فكوني حسنة الظن بالله بعد الاخذ بالأسباب.
وكافئي نفسكِ كلما حققتِ إنجازا يخدم هدفكِ؛ لتشعري بمزيد من الثقة والايجابية، وأنكِ قادرة بإذن الله على إكمال ما بدأتيه رغم الصعوبات والتحديات.
ملهمتي غاليتي آمني بنفسكَ، وكوني على ثقة من قدرتكِ على قيادة السفينة بوضوح ووعي، متسلحة بما يلزم للوصول، فانت المرأة القادرة على تحقيق ما تريد والملهمة لمن حولها والقدوة التي تستحق ان تكتب قصة نجاحها بإصرار وعزيمة وصبر، لأنكِ امرأة من طراز خاص.
*كاتبة ومدربة في تطوير الذات