حوار صحفي بعنوان:
عُمان وأميركا: علاقة بين الاحتراز والمنفعة
- عُمان أول دولة عربية مشرقية تقيم علاقة مع أميركا.
- في عصر تقسيم الدول والاستعمار للدول العربية والأفريقية، نرى عُمان تعمل اتفاقيات ومعاهدات مع الدول العظمى.
- علاقتهما ممتازة والدليل على استمرارها إلى اليوم.
- أتفق أن عُمان الدولة التي لا عدو لها.
عُمان منذ أن فتحت عينيها وهي تحب أن تتوسع، ولاسيما أن البحر كان أمامها ملهما، وبابا للولوج إلى سحر العوالم الأخرى، فاشتهرت بعلاقاتها الملاحية بأقاصي الشرق ابتداء من البر الفارسي مرورا بالهند إلى سومطرة والصين واليابان، وكذلك إلى شرق أفريقيا حيث كانت إمبراطورية تضمها، وكذلك كان لها علاقات مع دول البحر المتوسط: كمصر، واليونان، وبلاد الروم، قائمة على تجارة اللبان، وبعد أن نشئت القارة الجديدة (أميركا) امتدت بأذرعها كالأخطبوط لها بسفنها نحو علاقات مع ذلك العالم، وها أنا الآن أحاول سبر أغوار تلك العلاقة بالحوار مع الدكتور محمد سعد المقدم – رئيس قسم التاريخ، بجامعة السلطان قابوس – الذي قام بعمل دراسة عن العلاقة بين عُمان وأميركا:
عن الدراسة
- ما أهمية الدراسة؟ وما مبررات اختيارك لهذا الموضوع؟
أعجبني هذا الموضوع؛ لأن هناك الكثير من العلاقات الخارجية بين عُمان والدول الأخرى، ولكن أردت شيئا جديدا، وهي العلاقة بين عُمان وأميركا، وقد قمت بزيارة لأميركا بحكم دراستي، وزرت إحدى مدنها المطلة على الشاطئ الأطلنطي، وهذه المنطقة غنية بالآثار والمخطوطات التي تصف العلاقة بين سلاطين عُمان في زنجبار.
- على أي مدة ركزت في بحثك عندما كتبت عن العلاقة بين عُمان وأميركا؟
ركزت على مدة 1828-1856، وذلك لبدايات ازدهار العلاقة بين الطرفين.
- ما المدة الزمنية التي استغرقتها في إعداد هذا البحث؟
أكثر من سنة وأنا أجمع المصادر التاريخية، وبعد تجميع تلك المصادر تمت الكتابة والمراجعة خلال شهرين.
- ما المصادر التي اعتمدتها في الدراسة؟
من شروط البحث هو تحديد الموضوع والمصادر التي تعطيك المعلومات الإضافية، فمنها مصادر أولية (الوثائق والمخطوطات والرسائل)، وقد وجدت في أحد المتاحف الأميركية مذكرات للقنصل وورنر 1838- 1845، فأفادتني تلك المذكرات، فقد كتب مذكراته خلال سفره لزنجبار تلك الفترة في عهد سعيد بن سلطان، فقد كان أول سفير هناك، وفي وثائقه وردت تفاصيل عن العلاقة، وحتى أثمان الموارد موجودة، مثل: الجلود، والقرنفل.
عن العلاقة بين عُمان وأميركا
- منذ متى بدأت العلاقات بين عُمان وأميركا؟
تعود هذه العلاقة إلى القرن التاسع عشر ضمن اتفاقية عُمان وأميركا في 1833، وتعد عُمان أول دولة عربية مشرقية تقيم علاقة مع أميركا، لاسيما أن في هذه الفترة كثرت الدول الواقعة تحت هيمنة الاستعمار وكان عصر التقسيم، بينما نرى عُمان تعمل اتفاقيات ومعاهدات مع تلك الدول، وكانت سفينة “سلطانة” أول سفينة عُمانية تذهب إلى نيويورك في 1840، و أول سفينة عربية تحمل بعثة دبلوماسية، وبالتبادل كان سفراء أميركا كان يأتون لزنجبار 1838 ومسقط 1839، ففي آفاق هذه العلاقة نرى أهمية عُمان كونها قوة كبيرة في المنطقة بوصفها إمبراطورية تمتد من منطقة الخليج العربي إلى شرقي أفريقيا، وكقوة في المحيط الهندي.
- ألم يكن هناك علاقة بين عُمان وأميركا قبل 1833م؟
أجل كان هناك علاقة، ففي عام 1774 وصلت أول سفينة عُمانية إلى البر الأميركي في عهد أول رئيس لها (جورج واشنطون)، وكانت سفينة تجارية، وكانوا يسمونها بــ New England، ولو رجعتِ لخريطة عُمان تلك المدة لرأيتِ أنها تحت النفوذ البرتغالي، وموقعها استراتيجي، وكانت منفذا للتجارة العالمية، من مسقط ومطرح، امتدادا بإبحارها إلى إيران ومكران، وشرق أفريقيا، والهند، والصين، وخليج ملقا في ماليزيا، ولو تحدثنا على القرن التاسع عشر بعد ذلك لرأينا الزيارات المتبادلة بينهما.
- ما غرض هذه العلاقة؟ وما سمتها؟
نوع العلاقة في عام 1774م علاقة تجارية، وتطوّرت في عام 1773م لتصبح دبلوماسية، ومازالت إلى اليوم يطغى عليها الجانب الدبلوماسي، ونذكر مثالا حديثا عند ذهاب السلطان سعيد بن تيمور في 1958 في زيارة دبلوماسية إلى أميركا؛ أُقيم له مأدبة عشاء في البيت الأبيض.
- ما أثر تلك العلاقة على عُمان؟
هناك مصالح مشتركة وعُمان بحكم موقعها الجغرافي تقيم علاقة إيجابية مع العالم الخارجي، وخاصة في المجال التجاري والدبلوماسي، وهذا ما حسّن صورتها، وأثرها كان تجاريا من خلال منتجات New England، فقد كان الأميركان يعتمدون على منتجات شرق أفريقيا عندما كانت تحت النفوذ العُماني، وكذلك المنتجات العُمانية كالتمور، كان وما زال إلى اليوم يصدّر إلى هناك، بالإضافة إلى علاقتهما الممتازة، والدليل على ذلك استمرارها إلى اليوم!
- هل أثرت الحرب العالمية والنكبات العالمية على العلاقة بين عُمان وأميركا؟
من الطريف و فترة قيام الحرب العالمية، نجد أن السلطان سعيد بن تيمور يتعشى في البيت الأبيض، وتقام له مأدبة رسمية، وهذا يدل على سياسة عُمان العقلانية البعيدة عن النزاعات، وموقفها المحايد منها، وقبل كم سنة قرأت مقالا أعجبني بعنوان: “عُمان الدولة التي لا عدو لها” وأتفق أن عُمان دولة لا عدو لها، إلا أنها لعبت دورا إيجابيا في إصلاح وحل المشكلات.
همسة عبرة :
سألتُ الدكتور عن العبرة المستخلصة من قصة العلاقة بين عُمان وأميركا، فأورد قائلا: الاستمرار في العلاقة بين عُمان منذ عام 1839م إلى يومنا هذا بالاتفاقيات، مثل: التجارة الحرة مع أميركا، أسهمت في تحقيق المصالح المشتركة بين الدولتين، فهذه السنة ابتعث 750 طالبا إلى أميركا – وأنا كنت أحدهم في السابق- وفي النهاية هي علاقة تستفيد منها في مجال التعليم والاقتصاد والعلاج وغيرها، وهذا بسبب حكمتها وعلاقاتها الطبية التي تبعدها عن الصراعات الدولية.
إعداد : ابتهاج يونس