ليلى بنت قاسم البلوشية
النطق هبة إلهية جليلة، لكن الاتقان الحقيقي يكمن في فن التواصل، لا في القدرة على الكلام وحده. فليس كل من نطق تواصل، ولا كل من سمع أدرك، لأن التواصل الفعّال لا يُبنى على الكلمات فحسب، بل على وعي المشاعر، ونُبل النوايا، وصدق التفاعل بين العقول والقلوب.
إن فشل الإنسان في التعبير الدقيق، أو في الاستماع الواعي، لا يُعَدّ ضعفاً لغوياً فحسب، بل هو إخفاق في بناء جسر التفاهم. وحين تُفسَّر الرسائل بناءً على تصورات مسبقة أو مقاصد خفية، تضيع الحقيقة ويضيع معها المعنى، ليحل مكانها سوء الفهم وربما النزاع.
التواصل المهني والإنساني يتطلب منّا أن نُدرك أن كل تفاعل هو مسؤولية، وكل حوار هو فرصة لبناء لا لهدم، لفهم لا لتأويل، لامتداد لا قطيعة.
وخلاصة القول:
إن التواصل الإنساني ليس مجرد تبادل للألفاظ، بل هو ممارسة راقية تُعبر عن الوعي، والاحترام، والنية الصادقة في خلق الفهم المشترك. فحين نتقن مهارة الإصغاء بعمق، والتعبير بوعي، والتفاعل بأدب، نرتقي بذواتنا ونُسهم في بناء بيئة يتجلّى فيها المعنى، وتنمو فيها العلاقات بثقة وطمأنينة.
إنها نعمة لا تُدرك بكثرة الحديث، بل بحُسن الفهم، وسلامة القصد، ونُبل التفاعل.
