خاص ـ شؤون عُمانية
يؤكد عدد من المغامرين والمهتمين بالسياحة ضرورة توظيف التطبيقات الذكية والواقع الافتراضي المعزز، وتعزيز الترويج عبر المنصات الرقمية، مشيرين إلى أن ذلك يساهم في جذب الزائرين لاستكشاف الطبيعة العمانية الخلابة.
وأضافوا في تصريحات لـ”شؤون عمانية” أن الراصد لواقع السياحة على المستوى المحلي والدولي سيجد أن التكنولوجيا أعادت رسم ملامح سياحة المغامرات، والتي بلا شك قد فتحت آفاقًا غير مسبوقة لعشاق تجربة المغامرة والاكتشاف، كما أسهمت التقنيات الحديثة، بما فيها تطبيقات الهواتف الذكية مرورا تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز، في إحداث نقلة نوعية في الطرق التي يُخطّط بها السائح لمغامرته، وفي الكيفية التي يعيش بها تفاصيلها، حتى قبل أن تطأ قدمه أرض الوجهة.
ويقول أحمد مال الله الفارسي، مصور فوتوغرافي له تجاربه في سياحة المغامرات: أصبحت التطبيقات الذكية وتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز أدوات لا يمكن الاستغناء عنها في إعادة تعريف تجربة المغامرين، ليس فقط من خلال الرحلة، بل قبل انطلاقها، فهذه التطبيقات عادة ما توفر للمغامر القدرة على استكشاف الوجهات بشكل تفاعلي، من خلال عروض ثلاثية الأبعاد ومحاكاة افتراضية على سبيل المثال، وتمكنه من تكوين صورة واقعية عن البيئة والتضاريس، والأنشطة المتاحة في المنطقة المراد قصدها والتوجه إليها، ما يقلل من شعور عدم اليقين ويزيد من الثقة في خياراته التي يسعى للحصول عليها.
ويضيف الفارسي: من خلال تجاربي الشخصية مع تقنيات الواقع المعزز، فأستطيع القول إنه مكن المغامر أثناء الرحلة من الحصول على معلومات فورية حول المواقع التاريخية والطبيعية التي تزخر بها سلطنة عُمان، هذا إذا ما أردنا الحديث عن الوضع المحلي، والتفاعل مع الخرائط الرقمية، مرورا بتلقي تنبيهات السلامة والإرشادات البيئية، ما يجعل التجربة أكثر أماناً وثراءً، مشيرا إلى الدور المحوري في اكتشاف الوجهات غير التقليدية وهذا ما تتميز به بيئة سلطنة عُمان لدينا، فهي تجمع بين بيانات المستخدمين، التقييمات، والصور والفيديوهات التفاعلية، لتقترح أماكن جديدة قد تغيب عن المسافر التقليدي، مما يوسع آفاقه ويغذي فضوله للاستكشاف، ولذلك فإن دمج هذه الأدوات مع عناصر السرد القصصي عبر المنصات الرقمية، مثل مشاركة تجارب واقعية ومشاهد مؤثرة، يمنح التجربة بعداً إنسانياً وإبداعياً، حيث يشعر المغامر بأنه جزء من حكاية أكبر، وليس مجرد زائر عابر.
وأوضح الفارسي: يمكن القول إن هذه التقنيات ليست مجرد أدوات تكميلية، بل عوامل تمكّن من تحويل الرحلة إلى تجربة غنية، معرفية وشخصية، تجمع بين التخطيط الذكي والاستكشاف المبتكر، مع الحفاظ على الطابع الإنساني للرحلة وروح المغامرة.
وفي السياق، تؤكد بشرى البوسعيدية، مستكشفة لطبيعة الجغرافيا ومحبة للمغامرات، أن التطبيقات الذكية وتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز ساهمت فعلا وبشكل كبير وواضح في تحسين تجربة المغامرين قبل وأثناء الرحلة خاصة وأن طبيعة سلطنة عمان الجغرافية تحفز ذلك.
وتبين: من وجهة نظري أن القدرة على تجربة المسارات والمغامرات افتراضيًا قبل الانطلاق الفعلي تمنح المغامرين شعورًا بالتشويق لخوض التجربة والثقة في المسار المختار، وأيضا تقلل من المفاجآت أثناء الرحلة بمعنى أن المغامر سيشارك وهو يدرك جميع المشاهد والتحديات التي سيخوضها في خوض تجربته الاستثنائية، موضحة: شخصيًا، أرى أن هذه التقنية تساعد على اتخاذ القرار الأفضل، مثل معرفة صعوبة المسار وتحديد التضاريس إذا كانت تناسب الشخص أم لا، وتحديد احتياجاته الشخصية للاستعداد، وهو ما يجعل تجربة المغامرة أكثر أمانًا ومتعة، كما أن الواقع المعزز يضيف بعدًا جديدًا أثناء الرحلة (اعتبره مثل حلم عشته افتراضيا وجيت تجربه واقعياً) ـوفق تعبيرهاـ من خلال تقديم معلومات مباشرة عن الموقع أو الطبيعة المحيطة في عقل الشخص، وهذا يعزز تجربة الاستكشاف ويجعلها أكثر تفاعلية.
وتذكر البوسعيدية: أما بالنسبة للمنصات الرقمية أو قد ما نطلق عليها (السوشيال ميديا) بشكل عام، فأرى أنها أداة فعالة لتعريف المغامرين بوجهات جديدة باستمرار، وتبادل الثقافات دولياً وتهيئة الشخص لنفسه قبل أي مسار وهي مشابهة للواقع المعزز ولكن بحيوية أكثر وبتفاصيل أكثر دقة عن طريق تصوير الآخرين للمسار بكل التفاصيل الواقعية حيث إنها توفر للمشاهد تقييمات وتجارب حقيقية من مغامرين آخرين سواء في التعليقات أو الفيديو، وتكشف عن أماكن خفية قد لا تكون ضمن الخرائط السياحية المعتادة، مثل أودية جديدة أو مسارات جبلية مختلفة.
وتقول: بالنسبة لي، هذه المنصات تزيد من قيمة التجربة السياحية، لأنها تمنح فرصة لاكتشاف مغامرات فريدة بعيدًا عن الوجهات التقليدية، وباختصار، التقنية لم تعد مجرد وسيلة مساعدة، بل أصبحت شريكًا مهمًا للمغامرين ومن تجربتي ورأيي الشخصي، دمج التطبيقات الذكية والواقع الافتراضي المعزز، مع المنصات الرقمية يجعل غرس روح المغامرة أسرع ويحفز المغامرين على الاستكشاف المستمر.

من جهتها، ترى شريفة العوفية، مهتمة بالقطاع السياحي والمغامرات، أن تجربة المغامرين من خلال تحسين روح الإعلان والدعايات لجذب السياح وإثارة روح المغامرة من خلال المقاطع القصيرة والصور والفيديوهات وغيرها، تجذب السياح وتشجعهم على خوض هذه المغامرات، لدرجة أن الناس التي لا تملك شغف المغامرة أصبح لديها فضول وشغف لمعرفة المزيد عن الجولات السياحية والمناظر الطبيعية الرائعة التي لا يمكن الوصول إليها عن طريق السيارات، وهي تجبر المغامر على خوض هذه الرحلة المميزة، ومن خلالها يوثّق الحدث ويجذب الجمهور المتابع له سواء من العائلة أو البيئة المحيطة بذلك المغامر، ومنها يزداد العدد من جميع الفئات العمرية في خوض التجربة.
وتضيف: مهمة المغامر المتخصص والذي يقود المجموعة هي توفير جميع سبل الراحة والأمن والسلامة للمشتركين في المغامرات، والمحافظة على سلامتهم، مما يجعل هذا الأمر واضحًا عند نشره ونشر رأيه في صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، ليطمئن الجميع أن هذه التجارب، مهما بلغت من الخطورة، فإن وجود القائد المختص يساعدهم على اجتيازها، وبكل فخر أنه خاض هذا النوع من المغامرات مع توثيق جميع اللحظات والتحديات ونشرها في جميع المواقع.
وتبين العوفية: يأتي دور المنصات الرقمية دائمًا وأبدًا، من خلال الصور التي يحتويها حساب المستخدم والمقاطع الموجودة، يظهر جمالية المواقع السياحية، ومع ازدياد شركات المغامرات في السلطنة زاد عدد الوجهات والسياحة، وأصبح اكتشاف المواقع السياحية كتحدٍ وسباق بين الشركات السياحية، مما أدى إلى وصول هذا الشغف لأهالي المناطق التي يوجد بها ذلك الموقع أو الوجهة، ومع ازدياد فرص العمل في هذا المجال، زاد عدد حاملي الكاميرات والصور والتصوير الفوتوغرافي للمواقع لجذب المتابعين والسياح وتبادل المواقع. وكلما زاد نشر الصور والفيديوهات لموقع معيّن، شَدّ انتباه المؤسسات المعنية الرسمية منها والخاصة والتي تسعى لتنظيم الفعاليات في ذلك الموقع، وجعله وجهة مناسبة لاستقطاب السياح، ومنها يتفاعل الجمهور والمستكشفين مع المواقع السياحية من خلال المساهمات التطوعية لنشرها للمغامرين، والوقوف يدًا بيد لنشر جمالية الموقع.
وتتابع قائلة: تُعتبر المنصات الرقمية حلقة وصل لكل المغامرين وأهالي المناطق المحيطة بالموقع المراد زيارته واستكشافه، والتعاون القوي في تنظيم الرحلات قبل وبعد، من نواحٍ عدة كالتوصيل والتغذية ومواقع الاستراحات بعد المغامرة. فقد أصبح لدينا أشخاص نتواصل معهم من أهالي المنطقة ينظمون أماكن تناسب استقطاب السياح، وبناء بعض الخدمات التي تساهم في جعل المغامرة متكاملة من جميع النواحي.

ويؤكد إلياس سالم الذهلي، صاحب شركة أبطال المغامرات، أن التقنيات الحديثة، وعلى رأسها تقنيات الواقع الافتراضي، لم تعد ترفًا بل أصبحت وسيلة عملية تمكّن الأفراد من خوض تجارب تبدو في ظاهرها خطيرة، لكن في بيئة آمنة تتيح لهم فهم أبعاد المغامرة قبل ممارستها فعليًا.
ويرى إلياس أن هذه الأدوات الرقمية تسهم دائما وأبدا في تبسيط فكرة سياحة المغامرات ونقلها إلى السائح بشكل أسرع وأكثر وضوحًا، رغم الاختلاف الكبير بين التجربة الافتراضية والواقعية، خاصة مع ارتفاع معدلات الأدرينالين أثناء خوض المغامرة الحقيقية.
ويشير: الواقع الافتراضي سيتحول إلى عنصر أساسي في عمل شركات المغامرات، ليس فقط لشرح التحديات، بل أيضًا لتقليل المخاطر التي قد تستنزف جهد السائح ووقته، موضحا: على صعيد المنصات الرقمية فهي تمثل مستقبلًا واعدًا للقطاع السياحي في سلطنة عُمان على وجه الخصوص في ظل حالة التشبّع من الوجهات التقليدية التي باتت واضحة للعيان وأن شريحة متزايدة من السياح تبحث عن مغامرات أكبر وتجارب جديدة في أماكن غير مألوفة، وهو ما تتيحه هذه المنصات عبر فتح نوافذ إلى وجهات مبتكرة تعيد إحياء شغف الاكتشاف وتمنح سياحة المغامرات زخمًا متجددًا.
