غزلان بنت علي البلوشية
في بيئة الأعمال المعاصرة، تتخذ بعض المؤسسات قرارات تُوصف بـ”التضحيات الإدارية” لمواجهة الأزمات، كالتسريح الجماعي للموظفين، أو الإحلال المؤقت، أو تقليص الإنفاق على حساب الكفاءات والابتكار. ورغم أن هذه الإجراءات قد تبدو حلولًا سريعة لتخفيف الضغط المالي، إلا أن الدراسات التطبيقية في علم الإدارة تشير إلى أنها غالبًا ما تسرّع الانهيار بدلًا من إنقاذ المؤسسة.
من منظور علمي، القرارات الإدارية غير المدروسة تؤدي إلى فقدان رأس المال البشري، وهو المكوّن الأهم لاستدامة الأعمال. فالتخلي عن الكفاءات يضعف القدرة التشغيلية، ويُفقد المؤسسة خبرات تراكمية يصعب تعويضها، ما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية، وتراجع جودة الخدمات أو المنتجات، وفقدان القدرة على المنافسة.
ومن منظور عملي، الواقع يكشف أن المؤسسات التي تتبنى سياسة “التقليص بلا رؤية” تنزلق تدريجيًا إلى “هاوية الأداء”؛ حيث ترتفع معدلات الدوران الوظيفي، وتزداد تكلفة استقطاب وتدريب موظفين جدد، بينما تتأثر سمعة المؤسسة في السوق، مما ينعكس سلبًا على قدرتها على الفوز بالمشاريع أو اجتذاب الشركاء والمستثمرين.
الحل يكمن في تبني إدارة أزمات استراتيجية، تستند إلى إعادة هيكلة الموارد بذكاء، وتنويع مصادر الدخل، وتوظيف الابتكار والتقنيات الحديثة لرفع الكفاءة وخفض التكاليف دون المساس بالكوادر الأساسية. فالتضحية بالكفاءات قد تمنح المؤسسة “أكسجينًا مؤقتًا”، لكنها في الواقع تقطع عنها شريان الحياة على المدى الطويل.