إعداد: المحامي أحمد بن حسن بن إبراهيم البحراني
تمهيد:
في الآونة الأخيرة، شهدت منصات التواصل الاجتماعي تداول دعوة صريحة للتجمهر والاعتصام بتاريخ الجمعة 11 أبريل، في ساحات الجوامع والمساجد بعموم سلطنة عُمان، للمطالبة بجملة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، وهي دعوة تمسّ النظام العام وتشكل مخالفة صريحة للقانون، ما يستوجب الوقوف على التكييف القانوني لها وبيان تبعاتها القانونية وفق التشريع العُماني.
أولًا: الإطار الدستوري والتنظيمي
إن النظام الأساسي للدولة الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم 6/2021، في المادة (29) ينص على أن:
“حرية الرأي والتعبير عنه بالقول أو الكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة، في حدود القانون.”
وعليه، فإن حرية الرأي مكفولة، لكنها ليست مطلقة، بل مقيدة باحترام أحكام النظام العام والقوانين النافذة.
أما فيما يخص التجمهر، فقد خصص قانون الجزاء العُماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/2018 المواد من (121) إلى (124) لتنظيم هذا الموضوع بدقة.
ثانيًا: النصوص القانونية الحاكمة لجريمة التجمهر
المادة (121):
تعاقب بالسجن من 3 أشهر إلى سنة وغرامة مالية من 100 إلى 500 ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من شارك في تجمهر عام مؤلف من عشرة أشخاص فأكثر قد يُخل بالأمن أو النظام العام، ويُعاقب من استخدم العنف أو حرّض عليه بعقوبة مشددة تصل إلى السجن 3 سنوات وغرامة تصل إلى 1000 ريال.
المادة (122):
تشدد العقوبة في حال حمل أحد المشاركين سلاحًا أبيض أو أداة غير مألوفة، وتصل العقوبة إلى السجن سنتين إذا حمل سلاحًا ناريًا أو مواد حارقة.
المادة (123):
تعاقب الدعوة أو التحريض على التجمهر بالسجن من 3 إلى 6 أشهر، وتُضاعف العقوبة إذا كان المحرّض قد أدار التجمهر أو حرّض قاصرين على المشاركة فيه.
المادة (124):
في حال كان الغرض من التجمهر ارتكاب جريمة أو التأثير على السلطات أو تعطيل القوانين، فتصل العقوبة إلى السجن من سنة إلى ثلاث سنوات.
ثالثًا: المسؤولية القانونية للدعوة والمشاركة
-إن مجرد الدعوة للتجمهر تشكل مخالفة جنائية قائمة، حتى لو لم ينفذ التجمهر فعليًا.
-المشاركة أو الترويج أو إعادة نشر الدعوة عبر وسائل التواصل أو غيرها يُعد اشتراكًا أو تحريضًا يعاقب عليه القانون.
-صدور الدعوة من خارج البلاد لا يعفي صاحبها من المسؤولية، بل قد يندرج فعله ضمن التحريض على زعزعة الأمن الداخلي.
رابعًا: المطالبة بالحقوق من خلال القنوات القانونية
تتيح سلطنة عُمان العديد من الوسائل القانونية والمشروعة للمطالبة بالحقوق، مثل:
-تقديم العرائض إلى مجلس الشورى.
-التقدم بالشكاوى للجهات المختصة (وزارة العمل، وزارة التنمية الاجتماعية…إلخ).
-استخدام الأدوات القضائية والطعن الإداري.
إن استخدام الوسائل القانونية هو الطريق الآمن والمشروع، بعيدًا عن الأساليب التي تُخل بالنظام العام أو قد تؤدي إلى المساءلة الجنائية.
خامسًا: خاتمة وتحذير قانوني
نحذر من الانسياق خلف الدعوات المخالفة للقانون، سواء كانت بغرض مشروع ظاهريًا أو لأهداف أخرى خفية، وندعو الجميع إلى التريث والاحتكام إلى القنوات الرسمية والمؤسسية التي تكفل للمواطنين حقوقهم.
إن الحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعي ضرورة وطنية، والتمسك بالقانون هو الضمان الحقيقي لنيل الحقوق وتحقيق الإصلاح.