إعداد : أمل بنت خلف الذهلية
تعاني المعلمة مريم البلوشية من صعوبة في تدريس بعض طلابها بالمرحلة الأولى، على الرغم من جهودها المبذولة في إيصال رسالة التعليم وتطبيق الاستراتيجيات المختلفة لتعزيز روح التعلم للطلاب، ولكن لا زالت ترى أن هناك عائقًا بينها وبين عدد من طلابها يصعب عملية توصيل المعلومة للطالب نفسه، بسبب كثافة عدد الطلاب داخل الصفوف.
وأكد عدد من المعلمين والطلاب هذه المشكلة، حيث تحدثنا مع عدد من المعلمات والمعلمين الذين يجدون صعوبة في شرح المنهج الدراسي للطلبة بسبب الكثافة العددية.
أعداد كبيرة
يقول الأستاذ شهاب البلوشي معلم مجال أول بمدرسة الشيخ سالم بن حمود السيابي في المعبيلة، إن السبب الرئيسي لإخفاق المعلم في شرح المنهج الدراسي لبعض الطلبة هو زيادة الكثافة الطلابية داخل الغرفة الصفية الواحدة وبالتالي أصبحت هذه المشكلة من المشكلات التربوية التي تستدعي الاهتمام والدراسة العاجلة.
ويضيف البلوشي: أنه لا يستطيع تطبيق جميع الاستراتيجيات في شرح الدرس؛ نظرًا إلى المساحة الضيقة وكثرة طاولات الطلاب، بالإضافة إلى أنه لا يتمكن من متابعة جميع أوراق الطلاب في الحصة الدراسية؛ لعدم قدرته على التنقل والوصول إلى جميع الطلاب بسهولة، وكذلك هناك تشويش من قبل الطلاب أثناء الحصة، وهذا يسبب آثارا أخرى للمعلم والطالب، مثل: عدم قدرة المعلم على ضبطهم بكل سهولة، وأن هذا التشويش يؤدي إلى ضعف تركيز الطلاب الآخرين للشرح، وإن طلاب صعوبات التعلم هم المتضرر الأكبر من الازدحام الطلابي في الصف، الأمر الذي يعيق المعلم من توضيح المنهج الدراسي وايصاله لهم بسبب حاجة بعضهم إلى وقت إضافي في الفهم وبدون أي تشويش من الزملاء.
ويتابع قائلاً: “على وزارة التربية والتعليم -بصفتها مسؤولة عن سياسة العملية التعليمية- مناقشة الأسباب الفعلية للكثافة الطلابية والعمل على إيجاد حلول عملية قابلة للتنفيذ وفق خطط قصيرة الأجل، ومن وجهة نظري الشخصية أرى أنه لابد من بناء الصفوف الدراسية والمدارس الجديدة لاستيعاب العدد الطبيعي للطلبة في كل فصل.
وتؤكد المعلمة شهد الذهلية بمدرسة وادي المعاول على أن الازدحام يكثر بين طلاب الصف الأول إلى الصف التاسع خاصة، وأن هذه المشكلة قد تراجعت قليلاً في التعليم عن بعد في فترة جائحة كورونا، من خلال تطبيق استراتيجيات مختلفة وسريعة تضمن وصولها فكرتها للطلاب عبر المنصة التعليمية بدون أي تشويش من قبل الطلاب لبعضهم البعض، وأنها تسعى إلى إيجاد حل لضبط سلوكيات الطلبة والتعود على الالتزام داخل الصف الواحد.
تحديات الطلاب
وتشير الطالبة ملاك المياحية طالبة في الصف الثاني عشر بمدرسة نفيسة بنت أمية في ولاية بركاء، أن هذا الازدحام الكبير الذي يصل إلى 40 طالبة في الفصل الواحد يعيق تركيزها مع المعلمة خاصة وهي في المرحلة الأخيرة من المدرسة، وهي مرحلة مصيرية تحتاج إلى جهد إضافي في الفهم والمذاكرة والتركيز، وتشعر بتخوف من مستواها الدراسي وإلى ما ستصل عليه في المستقبل.
ويؤكد والد ملاك: “مستقبل ابنتي مهم جدًا ولا أرضى رؤيتها تعاني من الكثافة الطلابية في الصف فهذا يعيق دراستها، نعم لا مشكلة لو كانت في الحلقة الأولى، ولكن هي الآن في المرحلة الأخيرة مرحلة مهمة جدًا، أتمنى أن يكون هناك جهود من قبل الجهات المختصة في حل هذه المشكلة”.
التكامل التعليمي
من جانبه، يقول الدكتور حمود النوفلي في قسم العمل الاجتماعي بجامعة السلطان قابوس، أن السبب الرئيسي للكثافة الطلابية العالية بالفصول الدراسية يعود إلى تأخر بناء المدارس خلال 8 سنوات الماضية، ولكن يتم بناء ما يقارب 200 مدرسة جديدة في الوقت الحالي لاستيعاب المواليد الجدد.
ويوضح: ” كلما كان عدد الطلاب أقل كلما كانت الجودة التدريسية أفضل فيعطي المعلم كل طالب فرصة أكبر في المشاركة والحوار والنقاش معه، وأن كلما زاد عدد الطلاب زاد الشغب وخاصة طلاب مرحلة المراهقة مما يؤدي إلى صعوبة ضبطهم وإحداث تشويش للمعلم والطلاب الآخرين”.
وتشير الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن هناك عدد 1182 مدرسة تشمل حوالي 679 ألف طالب وطالبة، يعمل بها 56984 معلما ومعلمة في عام 2020 و2021، وأن مؤشر الكثافة الصفية هو 25 طالب كحد أقصى في الصف الواحد، وهذا المؤشر من المؤشرات النوعية التي تقيس مدى توفر البيئة التعليمية المناسبة للتعليم، بمعنى أنها أحد مقاييس الكفاءة الداخلية للنظام التعليمي.
كما أصدر جهاز الرقابة المالية والإدارية تقييم أداء جانب من أعمال التخطيط والتطوير الاستراتيجي بوزارة التربية والتعليم، لوحظ فيه ارتفاع عدد الطلبة داخل الغرف الصفية عن الحد الأقصى المعتمد في عدد 549 مدرسة، أي أن عدد الطلاب ارتفع من 30 إلى 40 طالب.