خاص ـ شؤون عمانية
أصبحت ظاهرة ارتفاع الأسعار في شهر رمضان المبارك، تؤرق مضاجع المواطنين الذين يرون أنه امرا غير طبيعيا، في ظل ما تشهده جميع محافظات سلطنة عُمان من ارتفاع في قيمة السلع الغذائية والمواد التموينية يوما بعد يوم، بشكل تصاعدي يدعو للقلق، وذلك دون أي ردة فعل حقيقية من قبل الجهات المختصة.
صحيفة “شؤون عمانية” اقتربت من ملف ارتفاع الأسعار واستعرضت حيثياته عبر لقاءهها بعدد من المواطنين في محافظات مختلفة، حيث عبر الكثيرين منهم بأن الأمر بات “جنونيا”، خاصة السلع الأساسية التي تحتاجها المنازل بشكل يومي سواء المواطن أوالمقيم .. وهنا تتسائل “شؤون عمانية” عن سبب هذا الارتفاع ! فهل هو جراء غياب الرقابة من المؤسسات الحكومية المعنية ؟ أم أن هناك استهلاك غير واعي من قبل المستهلك؟ وهو المستهدف الرئيسي للتجار ؟!
في البداية يقول سالم بن حمد الساعدي من جعلان بني بو علي: لقد أصبح ارتفاع الأسعار ظاهرة واضحة للعيان، خاصة في المواسم السنوية كشهر رمضان، حيث يتم ملاحظة هذا الارتفاع بشكل غريب، وهو ما يراه الساعدي أنه نابع من قلة المتابعة من الجهات المختصة وقد يكون بسبب عدم تمكنهم من اجراء الحملات التفتيشية بتوسع، وربما لعدم وجود قائمة بالأسعار التراكمية، فأصحاب المراكز والمحلات التجارية تجد عندهم استغلال هذه المواسم وحاجة المستهلك للشراء .. أحيانا بدون ما يركز في الأسعار.
ويضيف الساعدي: هناك أمر أخر يحدث لبعض السلع وهو تخفيض حجمها مقابل ثبات سعرها، ورفعها أحيانا أخرى، فنجد مثلا بعض أنواع المطهرات كان حجمها ٣ لتر يتم تخفيضها إلى ٢.٥ لتر مع ثبات سعرها، والأمثلة كثيرة على الزيوت وغيرها من المنتجات.
ويرى الساعدي في ختام حديثه أن توعية المستهلك أمر ضروري، فيجب اطلاعه على قائمة الأسعار، وتوعيته بعدم شراءه للسلع غير الضرورية، فقط يشتري ما يلزمه من الأشياء، أضف الى ذلك دور الجهات المختصة في مراقبة الأسعار والزام الأسواق بالعمل بها ونشر التفاصيل للمواطنين، واذا اقتضت الحاجة يتم معاقبة المتلاعبين بالأسعار عن طريق الإشهار بهم عبر وسائل الإعلام المختلفة.
بدوره يوضح سالم بن راشد الإسماعيلي من ولاية عبري : أن المجتمع العماني اعتاد في الشهر الفضيل على شراء الكثير من الأطعمة والسلع والمواد التموينية التي تفوق حاجاته، وللأسف الكثير منها بنتهي به المطاف داخل سلات القمامة، فمن وجهة نظري الامر يحتاج إلى تكثيف التوعية والإرشاد من الجهات الإعلامية المسؤولة والعمل على تغيير أنماط السلوك غير المتزن قبل دخول شهر رمضان، مضيفا أنه يجب اتخاذ إجراءات رادعة ضد الأسواق التي ترفع أسعار السلع دون سابق انذار وحماية المستهلكين من تلك القرارات العشوائية وتنويههم بها قبل فترة.
ويؤكد الإسماعيلي في ختام حديثه على أن هذا الأمر “يحتاج إلى تدخل سريع وحازم من قبل الجهات الرقابية المختصة، لأن ارتفاع أسعار السلع الأساسية يقابله محدودية الراتب، حيث لا يمكن للمواطن مواكبة مضاعفة سعرها في فترات متقاربة، فهو يؤدي الى ضغوطات رهيبة على رب الأسرة نتيجة هذا الارتفاع غير المبرر، وعلى سبيل المثال لا الحصر زيادة أسعار الفاكهة التي لا يرتبط إنتاجها بشي له علاقة بتلك الزيادة، فلماذا يقوم التاجر برفع سعرها؟ وقس على ذلك جميع السلع المعروضة التي ارتفعت وترتفع بدون حد معلوم.
يشاركه الرأي عوض بن عامر الداودي من ولاية صور والذي يقول أنه يلاحظ بشكل ملفت وغير متوقع الارتفاع الجنوني في الأسعار بعدد من المواد الغذائية التي تعتبر أساسية واستهلاكها يومي في شهر رمضان كالخضروات والفواكه خاصة التمر.
ويوضح الداودي: نحن نشعر أن هناك استغلال غير مبرر لرفع الأسعار في هذا الشهر الفضيل، كون التجار يدركون حاجة المواطن والمقيم لها في هذا الشهر، فوهي بمثابة فرصة لمضاعفة أرباحهم وتعويض خسائرهم ـ ان وجدت ـ في الأشهر الفائتة، وهنا ينقسم التجار إلى نوعين، الأول المستورد الذي يوزع البضاعة على المحال، والأخر الذي يبيعها للمستهلك، والأخير نحسبه ضحية فربما لديه أسبابه الخاصة لرفع الأسعار مع رفع قيمة الكهرباء والإيجارات .. وربما هذا السبب لرفع قيمتها .
وحول الرقابة يرى الداودي عدم انتشارها على نطاق واسع وبشكل مباشر، حيث يؤكد عدم سيطرتها على هذه الإشكالية، مرجعا سببها لعمل الوافد غير العماني في تلك المحال، والذي لا يهمه أمر المخالفات كثيرا، كون ربحه مرتفع في نهاية كل شهر، وهنا نناشد بكل قوة الجهات المعنية بتكثيف الرقابة على الأسواق، لأن الأسعار باتت مشتعلة وبصورة غير مريحة بالمرة.
ويختتم الداودي حديثه قائلا “إن المستهلك هو النقطة الأبرز في هذه الحلقة، فهو السبب في تمادي التجار برفع الأسعار لأنه لا يملك ثقافة “المقاطعة”، ولا يحاول ان يستغني عن بعض الأشياء أو حتى استبدالها بأخرى، فتجده يصر على شراء بعض السلع وإن كانت مرتفعة السعر، وهو ليس بحاجة لها لكنه يشتريها لأنه اعتاد على ذلك، داعيا الى تغيير ما أسماه بـ”العبث في الأسعار” بطريقة بسيطة وهي “المقاطعة” التي سوف تأتي ثمارها، أما دون ذلك فمن الاستحالة أن تتغير.
في السياق يقول هديب بن سالم الغداني من ولاية قريات: مما لا شك فيه إننا نشهد في الفترة الحالية ارتفاعا غير طبيعي في الأسعار، ونستطيع القول أنه “ارتفاعا جنونيا” إن صح القول، وهذا يشكل عبئا على المواطن والمقيم، قد نرجعها الى الظروف الاقتصادية التي يشهدها العالم بداية بجائحة “كورونا” مرورا بأزمة سلسلة التوريد العالمية، وصولا إلى التضخم الذي ضرب العالم مؤخرا. ويضيف: إن الرقابة على الأسواق موجودة بلا شك والجهات المعنية قائمة بدورها مشكورة، لكن أعتقد أن القوانين لم تكن رادعة بالصورة الكافية، الأمر الآخر الذي يجب أن نشير له عدم وجود قائمة أسعار يومية أو أسبوعية على الأقل، لتنظيم عملية البيع والشراء، ناهيك عمّا نراه فيما يتعلق بالبيع عن طريق التجزئة، ومعه تشعر أن الأمر غير منظم وخارج عن السيطرة.
ويشير الغداني: نطالب الجهات المعنية بمراقبة مستمرة للأسعار، خاصة تلك التي تدخل في قوائم الاستهلاك اليومي للمنازل، خاصة الخضروات والفواكه، التي ارتفعت بنسبة 200%. انه أمر مزعج فعلا، ويحتاج الى تدخل سريع من قبل تلك الجهات، خاصة ونحن مقبلين على عيد الفطر السعيد، وهذا أمر بالغ في الأهمية. داعيا في نهاية حديثه المستهلك العماني والمقيم لتحديد احتياجاته من السلع، لمواجهة هذا الأمر، مؤكدا أنه لا يدعو إلى المقاطعة أو تكديس البضائع دون شرائها، لكن نقولها صراحة “البضاعة التي لا يقتلني الجوع بسببها لن أشتريها وهي في ارتفاع دائم يوما وراء يوم”.