رأي شؤون عمانية
يعد الاتفاق السعودي الإيراني على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين نجاحا كبيرا ساهمت فيه الدبلوماسية العمانية التي تستخدم العديد من المسارات لتعزيز الاستقرار والسلام والأمن بالمنطقة، انطلاقا من مبدئها الراسخ والثابت وهو مبدأ الحوار وإعلاء المصالح المشتركة للشعوب.
فبعد شهور من الجهود الدبلوماسية الهادئة وبعيدا عن صخب وضجيج التصريحات الرنانة، اتفقت المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما، كما ستعملان على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني وإجراء محادثات بشأن تعزيز العلاقات الثنائية.
وبحسب بيان ثلاثي صادر عن كل من إيران والسعودية والصين، تُستأنف العلاقات بين الرياض وطهران ويُعاد افتتاح السفارتين في غضون مدة لا تتجاوز شهرين.
وجاء في البيان: “تتضمن الاتفاقية تأكيد الطرفين المعنيين على سيادة كل منهما وعدم التدخل في شؤونه الداخلية”.
وستعمل السعودية وإيران على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة في عام 2001، فضلا عن اتفاقية أخرى جرى توقيعها في وقت أسبق في مجال التجارة والاستثمار.
وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية في السعودية، جرى الاتفاق على أن يعقد وزيرا الخارجية السعودي والإيراني، اجتماعا لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بين البلدين.
وجاء الإعلان عن الإسهام العماني من خلال الشكر الذي قدمته المملكة العربية السعودية الشقيقة معربة عن تقديرها لسلطنة عُمان على التسهيلات التي قُدمت في جولات الحوار السابقة، والتي أسهمت في استئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما وتفعيل اتفاقيات التعاون بينهما.
كما أعربت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن شكرها وتقديرها لسلطنة عُمان على استضافتها جولات من المباحثات في مسقط بين الجانبين الإيراني والسعودي وتوجت بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في العاصمة الصينية بكين لاستئناف العلاقات الدبلوماسية والتعاون بين البلدين. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه تلقي معالي السيد بدر البوسعيدي وزير الخارجية من معالي الدكتور حسين أمير عبداللهيان وزير الخارجية الإيراني.
ويتضح من شكر المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية لسلطنة عمان أن ما توصل إليه البلدان يعد جوهر الدبلوماسية العمانية ونهجها في الوساطة والإسهام في حل الخلافات، حيث يقوم هذا النهج على إعلاء الحوار واحترام السيادة فضلا عن اتخاذ سلطنة عمان من الحياد الإيجابي سمة لسياستها الخارجية، ما يجعلها مؤهلة للعب دور الوسيط النزيه والموثوق به لحل الخلافات، وهو ما بدا جليا في التوصل سابقا للهدنة بين الأطراف المتنازعة في اليمن والجهود التي تبذل باستمرار للحفاظ على صمود هذه الهدنة، وأيضا الدور الذي قامت به سلطنة عمان في الوصول إلى الاتفاق بين القوى الدولية وإيران حول البرنامج النووي الإيراني وهو الأساس الذي تقوم عليه المفاوضات الحالية لاستئناف العمل بهذا الاتفاق.
ويبقى من الأهمية الإشارة إلى أن السر في نجاعة الدور العماني في حل الخلافات، هو نبل المقصد، حيث إن كل الجهود العمانية مرادها إحلال السلام والاستقرار بالمنطقة والعالم.