محمد جواد أرويلي
بعد قطيعة دامت لـ7 سنوات، أعلنت إيران والسعودية في بيان مشترك من بكين، الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بمبادرة صينية.
وقد أعرب الجانبان السعودي والإيراني في البيان عن تقديرهما وشكرهما لجمهورية العراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021 -2022.
المعروف أن العاصمة العراقية بغداد قد استضافت 5 جولات تفاوضية بين طهران والرياض على مستوى الخبراء، لكن دور مسقط في هذا الملف كان هادئا وبعيدا للغاية عن متابعة وسائل الاعلام.
من هذا المنطلق يمكن القول إن السياسة الخارجية لسلطنة عمان تمثل نموذجا للتعامل الهادئ وسط أمواج إقليمية متلاطمة، وهي سياسة جديرة بالبحث والدراسة، كونها جعلت البلاد محل ثقة من جانب مختلف الأطراف المتخاصمة.
تنتهج السلطنة منذ تولي السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله- سياسة خارجية تجيد التعاطي مع الواقع بعقل براجماتي، وتدير الأمور وفقاً لمصلحتها الاستراتيجية، اعتمادا على وقوفها كطرف محايد في كافة القضايا العربية والإقليمية.
ولسلطنة عُمان أسلوب متمايز في التعامل مع القضايا المصيرية في المنطقة، وفي مقدمتها تلك التي تتعلق بالشأن الإيراني، حيث تحافظ على علاقات جيدة مع طهران وإقامة العديد من المشروعات المشتركة، وفي نفس الوقت تحافظ علاقاتها الجيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي والانخراط في مشاريعه المختلفة.
وقد لعبت عُمان أدوار الوساطة في عدد كبير من الملفات والقضايا؛ أبرزها البرنامج النووي الإيراني والتوسط لإطلاق سراح بريطانيين وأمريكيين محتجزين في إيران بين أعوام 2007 و2011، والمساهمة في إطلاق سراح المواطن الأمريكي محمد باقر نمازي من السجون الإيرانية في أكتوبر 2022 تلبية لالتماس الحكومة الأمريكية ولدواعٍ إنسانية، فيما طلبت طهران وساطة عُمانية للإفراج عن حاجها المعتقل بالرياض عقب موسم الحج الماضي.
كما أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان وفي أكثر من مناسبة، أعلن أن سلطنة عُمان استضافت في نوفمبر الماضي محادثات بين أوكرانيا وإيران على أراضيها، لتقدم كييف استنتاجاتها حول الطائرات المسيرة الإيرانية التي تستخدمها روسيا، حيث تشكل استضافة مسقط لهذه المحادثات سابقة مهمة في مساعي البحث عن السلام في ملف الصراع القائم بين روسيا وأوكرانيا.
وفي ظل الوضع المعقد دولياً وإقليميا، أثبتت التجربة أن مسقط تحرص على الدخول على خط الملفات الساخنة بما يتفق مع رؤيتها لأمن المنطقة؛ فالسلطنة تحاول أن تمسك العصا من المنتصف في كل مرة، واستطاعت ببراعة مع كل تلك الأحداث ألا تقف ضد أحد، وكان ذلك هو الوجهَ البارز الذي شكل سياسة عمان الخارجية وطبيعة علاقاتها مع جيرانها.