عبدالله الشافعي
كل شيء كان هادئا وساكنا كطبيعتها، فسلطنة عمان هذا سمتها، الهدوء والسكينة، لكن هذا اليوم كان مختلفا.
مساء الجمعة العاشر من يناير، تسلل الخوف إلى قلوب المواطنين، ظهر هذا في كتاباتهم على منصات التواصل الاجتماعي، الخوف من الفقد، وأي فقد؟! الخوف من فقد “أعز الرجال وأنقاهم”، لكن بصيص الأمل كان يتسلل إلى قلوبهم على استحياء، يأملون في إشراق شمس الحادي عشر من يناير حاملة البشريات.
ليلة لم ينم فيها الكثيرون، انتظارا لأخبار تثلج صدور أتعبها القلق على سلطانهم وحالته الصحية، إلى أن ظهر مذيع التليفزيون العماني.
ظهر المذيع بملامح جادة وحادة، عيناه متجمدتان، صوته رخيم، وجهه حزين، كأنه يحمل على عاتقه جبلا ثقيلا لا يقدر عليه.
وما أن نطق أول جملة: “بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره”، أدرك الجميع أن ما يخشونه قد حدث، السلطان قابوس في ذمة الله.
رحل السلطان قابوس، وانتهت رحلة أعز الرجال وأنقاهم، لكن لم تنته قصته، وبقيت حاضرة في قلوب الجميع وعقولهم.
على جانبي طريق السلطان قابوس بالعاصمة مسقط، وقفت السيارات الأمنية، ورجال الأمن يعلو الحزن وجوههم، وحضر عدد كبير لتشييع جثمان السلطان قابوس إلى مثواه الأخير.
في الجهة المقابلة للمسجد، تجمعت الحشود من المواطنين والوافدين الذين لم يتمكنوا من دخول المسجد لأداء صلاة الجنازة، خشعت الأصوات ولا تسمع إلا همسا، هنا يجلس بعض الرجال وأيديهم على رؤسهم حزنا، وهنا يتابعون صلاة الجنازة عبر البث المباشر على هواتفهم، وهنا يقف عدد من الوافدين والحزن يملأ قلوبهم، وجميعهم جاؤوا أملا في إلقاء النظرة الأخيرة على باني نهضة عمان وقائدها الراحل.
حُملت الجنازة على الأعناق، وحَمل أهل عمان -مواطنون ووافدون- في قلوبهم آلاما لم تُشفَ بمرور الأيام.