مروة بنت سيف العبرية
في الثامن عشر من نوفمبر يحل ميلاد الشعب والوطن، اليوم الوطني الذي يسطر فيه العمانيون آيات الولاء والعرفان، مجددين العهد لاستكمال بناء الوطن، ومعاهدين سلطان البلاد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- أن يكونوا فداء الوطن، ولحمة واحدة من رؤوس مسندم المطلة على مياه هرمز شمالا وصولا إلى ضربة علي في أرض اللبان جنوبا.
توجيهات جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- أمرت بالاستمرار في ذات اليوم الذي كان يحتفل فيه كل عماني بالنهضة الحديثة التي أرسى بناءها السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- وهو ذات اليوم لميلاد السلطان الراحل.
من المؤكد أن الاحتفال بذات اليوم له دلالات واضحة وجلية، حيث أن الاستمرار في ذلك يشير إلى الامتنان والوفاء للسلطان قابوس، الذي استطاع أن يلملم شتات عمان مطلع السبعينات، التي كانت خاضعة لثالوث الفقر والجهل والحرب، فجاء إليها ليلم الشمل ويبرئ الجرح، ويبني بلادا يشار لها بالبنان، لتعود إلى نصابها الحقيقي ومكانتها الراسخة بين الأمم.
وبنهضة متجددة يستمر الطريق نحو بناء الوطن عمان، يعيدون ويقيمون ما أنجز على أرضها في يومها الوطني، لا يمر اليوم إلا وقد حمدت الإنجازات، مع مراجعة ما لم يتحقق، هكذا أريد لهذا اليوم الذي يشمر أبناء عمان أياديهم لتعلو خفاقة بتطلعات وطموحات أرفع عن سابقتها، وكل ذلك من أجل الوطن وسلطانها وشعبها.
العيد الوطني الحادي والخمسون، تتزين فيه أرض السلطنة بإنجازات تضاهي فيه دول العالم، في الوقت الذي يعبر فيه كل من يعيش على أرضها بطريقته، ستتزين البيوت بمصابيح الحب، وسترفع الأعلام، وسماء الولايات ستكون على موعد مع الألعاب النارية، فيما بعض المباني أنيرت بألوان زاهية وصور تعكس الاحتفاء الجم والكبير بالعيد الوطني المجيد الذي يدرك أبناء الوطن أهميته، لينطلقوا إلى مستقبل مشرق وزاهر وواضح، وقد رسم بالرؤية المستقبلية عمان 2040، ليتلمس عبرها كل فرد ومؤسسة واجباته نحو طريق واسع، ينظرون إلى التقدم في مختلف القطاعات سواء اجتماعية أو اقتصادية.
وبالعودة تاريخيا، فإن السلطنة دأبت على الاحتفال بالعيد الوطني منذ مطلع السبعينيات، كما أن للحضور الشخصي لجلالة السلطان قابوس الأثر الكبير في نفوس المواطنين، وهو أحد الأمور التي التزم بها السلطان الراحل منذ بدء فجر النهضة العمانية المباركة.
وتجلت مظاهر الاحتفال عبر مشاركة المدارس في إقامة احتفال رسمي تشرف عليه الدولة، ممثلة بلجنة عليا للاحتفالات، حيث تتنوع فيها الفقرات بين لوحات غنائية وطنيةٍ يصبحها عروض طلابية، إلى جانب الفنون الشعبية من عازي ورزحة وغير ذلك من الفنون الشهيرة في مختلف ولايات السلطنة، في وقت أقيم فيه الحفل مرات عدة بالمحافظات.
برزت الأغاني الوطنية لتصبح أيقونات يتغنى بها في المحافل الوطنية، في حين كان لاسم إبراهيم بن قمبر العجمي لمعانا، نظرا لما يؤديه من نجاحات متكررة في صناعة الاحتفال الوطني مخرجا ومشرفا، حيث نالت هذه الاحتفالات استحسانا وصنعت فارقا حقيقيا.
من جهة أخرى، حظيت الاحتفالات المقدمة عسكريا بنصيب كبير من الاستحسان، فكان الإبهار متربعا، لاسيما عروض التاتو التي أحبها الجمهور بداية مع مطلع السبعينيات ولم تغب في العروض العسكرية.
السنوات الأخيرة، والعرض العسكري الذي حضره جلالة السلطان قابوس هو الأكثر شهرة، كون قلوب العمانيين كانت متأثرة مع كل حركة لجلالته الذي بدا عليه المرض واضحا من محياه، فبكت الأمة العمانية على الرجل الذي لبى نداء الوطن، ليحضر رغم ألمه وتعبه، فكان العيد الوطني التاسع والأربعين المجيد لحظة فارقة في التاريخ العماني الحديث، لتبدأ معه نهضة متجددة من عمر عمان الطاهرة.