حمدان بن علي البادي
“لا يخدعنك هتاف القوم بالوطن .. فالقوم في العلن غير القوم في العمل!”.
مع الاعتذار لمعروف الرصافي لتحريف بيته الشعري والذي قاله قبل أن يدرك “تويتر” و”واتس اب” ليرى بعض القوم وهم منشغلون بالهتاف ضد الوطن ومشاريعه وخططه وسياساته، وهم جزء من هذا الوطن وليسوا جزءا من الحل لمواجهة الإشكاليات.
لو أدرك معروف الرصافي منصات التواصل الإجتماعي كان سيرى كيف وصف من يهتف بالإيجابية تجاه وطنه بأنه “طبل”، وسيرى بعض القوم من أصحاب الوظائف القيادية بعد أن فقدوا القرار والمسؤولية وهم يهتفون ضد الوطن وضد قطاعات كانوا معنيين بها ويقتاتون على اللحظة الزمنية التي عاشوها.
أحدهم كتب تغريدة على “تويتر” عن موقع من المواقع وافتقاره للخدمات، وهو يشغل منصب رئيس مجلس إدارة إحدى المؤسسات المعنية بتلك الخدمة، ونحن لا ندري من كان يخاطب على تويتر؟!
تتواصل مع شخص نشط على “تويتر” و”الواتس اب” ممن يقدمون أنفسهم على أنهم مختصين، وحين تسأله عن خدمة تعتبر من صميم عمله ويفترض أن يكون ملم بأبسط التفاصيل عنها، أو مع من يمكن التواصل للاستفادة من تلك الخدمة، يرد عليك بكل ثقة “ما شغلي” أو “ما معي فكرة”، وهو الذي يقضي جل وقته في التنظير وبث المثالية وتفنيد كل شيء في المجتمع كأنه العارف وخبير زمانه لكن “ما في منه إلا ها الحبة”.
نماذج كثيرة نصادفها في الحياة وفي وسائل التواصل الاجتماعي ممن يرون ما لا نرى ويهتفون في العلن ضد الوطن، إذا كان كل هؤلاء غير قادرين أن يكونوا جزءا من الحل والسعي لإصلاح ما يمكن إصلاحه، فكيف لهم القدرة على توجيه اللوم للآخرين والتشكيك في قدراتهم ونواياهم؟!
إن أحد هؤلاء المشككين يشغل وظيفة في موقع خدمي يعاني ما يعاني من تقصير في خدمة الناس، ولا يسعى للإسهام في إصلاح ذلك.
أحيانا تستغرب كيف يجد بعض المغردين الوقت للكتابة عن كل شاردة وواردة على منصات التواصل الاجتماعي، يحدثوك عن الفساد والمحسوبية وغياب الكفاءة ولا يجدون الوقت لإنجاز ما هم مكلفين به من أعمال وإنجاز مصالح للناس، وكأنهم خارج إطار المنظومة التي تبنى على سواعدها الأوطان.
البعض يكرس جهده ووقته لنشر السلبية وتعزيز حضورها بين الناس ويتجاهل الإيجابيات، ولا يحاول تحسين حياة الناس، هؤلاء “لا يعجبهم العجب ولا الصيام في شهر رجب”، وإذا أعجبهم شيئا سيتم تجاهله، ولديهم مبررات غريبة لتبرير ذلك، وحين تسألهم لماذا لا يتعاطون مع الإيجابية بنفس تعاطيهم من السلبية؟ يأتي الرد “أنا ما أطبل”.
وحتى لا نتهم بالتعميم والتطبيل والسعي لتكميم الأفواه التي تطالب بالإصلاح، فمشكلتنا مع الأصوات التي لا ترى ما نرى، الأصوات الساخطة على كل شيء، أما النقد البناء وتفنيد مشاريع الحكومة فهو أمر إيجابي للتطوير.
تكمن المشكلة حين لا نكون جزءا من المنظومة ولا نسعى للإصلاح، المشكلة حين نتحدث أكثر مما نعمل، والنقد سمة إنسانية وهناك كثر من يبدون رأيهم ونقدهم للحكومة ومشاريعها لكنها تأتي بصورة إيجابية لتبني وتساهم في التصحيح بعيدا عن الهجوم والنقد من باب النقد كما يحدث مع الفئة التي يدور حولها الحديث في هذا المقال.