يوسف علي البلوشي
علينا بعد مضي كل هذه الأعوام على أحداث عام 2011 أن نخرج من الدرس ونحن قد استعددنا لأي أزمة أساسها أي فئة من فئات الوطن استعدادا جيدا، وألا نترك ثغرة خلفنا، لأن التأخر عن مواعيد التقدم والنمو والتطور وبلوغ مجد المستقبل له ثمن وضريبة.
يجب ألا يخرج الشباب غاضبين بنفس مطالبات عام 2011 لأننا استوعبنا المعضلات التي تهدد هذه الفئة التي يؤرقها ملف التوظيف، ثم دراسة الأحوال التي يمر بها أغلب الوطن نتيجة للظروف والجائحة وتقلبات أسعار النفط.
كان من إفرازات عام 2011 وجود المحافظين الذين يفترض أن تكون تجربتهم الوظيفية قد صقلت وأصبحوا أكثر خبرة، خاصة في طريقة إدارة ملف الباحثين عن عمل وإيجاد فرص العمل الوظيفية بالمحافظات من خلال المشاريع الاستثمارية المتنوعة.
كما أن الدعوة ملحة حاليا لوجود مراكز توظيف وريادة الأعمال بالمحافظات أسوة بدول العالم المتقدم ويكون الإشراف عليها من قبل المحافظين والولاة، ويكون الهدف الرئيسي لهذه المراكز إحلال الوظائف والمهن، وتقوم وزارة العمل بدعمها ماديا وتقديم الاستشارات ومنحها الحق في مراقبة أسواق العمل وتقليص وصول الوافدين لهذه المهن التي لا زال يمارسها الوافد رغم أنها فرصة حقيقية للشاب العماني للتكسب، وأن تتبع المراكز منهج اللامركزية في التوظيف.
كتبنا مرارا حول أزمة تدفق الباحثين عن العمل وهي أزمة تتمدد ولن تتقلص إن لم يوجد لها حل، ولكن حلها سهل بسيط كما وصفها الكتاب وهو أشبه بالعملية القيصرية المؤلمة، وهو الإحلال التام رغم الألم الذي سيسببه ذلك، لكنه سوف يصنع جيلا قادرا على الاعتماد على الذات في كل مناحي الحياة.
المشهد كالتالي: إما حسم ملف التوظيف بالإحلال وتمكين المواطنين في كل مفاصل العمل في الدولة كجزء من خطة الاعتماد على الذات، أو أن نستقبل كل عام دفعات من الباحثين عن عمل، لذا يجب فرض سياسات الإحلال والتعمين في الدولة بما يمكّن أبناء الوطن من تولي مسؤوليات العمل في كل المستويات.
فالإحلال في المهن والوظائف يشبه مرحلة الكي على أقل تقدير، وهي أن يحل المواطن تماما في الكم الهائل من الوظائف والمهن بمختلف القطاعات المختلفة العامة والخاصة بدون أي جدال أو نقاش محل الوافد، ويمكن أن يتأخر تنفيذ هذا الأمر وتقديم المصلحة العليا للوطن فالأوضاع الاقتصادية لا تحتمل المزيد من التأخير، لكن آن للدولة أن تعتمد على أبنائها بنسبة كبيرة.
فمثلا، يكون الإحلال ضروريا في المهن التي تزيد فيها العمالة الوافدة مثل المحاسبة بمحال الصرافة وتحويل الأموال ومكاتب الإنشاءات والمقاولات، وتتلخص الإجراءات في عدم السماح للأجانب بالإقامة في البلاد لكل المهن المحظورة، على أن تستعين الشركات بالعمالة الوطنية لقضاء أعمالها، واضعين مصلحة الوطن العليا في الاعتبار، وهي مرحلة رغم صعوبتها إلا أنها ستجد صدى قويا وإقبالا على مهن كثيرة دون ترفع أو تذمر من قبل المواطن، كما يجب التركيز على الإحلال غير المشروط في هذه المهن وكسر قاعدة فتح تراخيص العمل الوافدة مقابل تعيين عدد من المواطنين، بل يجب إغلاق التراخيص إلا على المهن والتخصصات النادرة.
حمى الله هذا الوطن وحفظه وحفظ أبناءه تحت القيادة الحكيمة لجلالة السلطان المعظم.