هاجر الزيدية
يتكرر مشهد رمضان في العام المنصرم والذي لم يمر عليه الكثير من الزمن، أغلبنا وضع في اعتباره أن تلك الأزمة ستفنى وتزول، وأن رمضان هذا العام سيكون استثنائيًا إما بمشاهد متكررة لما عاصرناه في العام الماضي، وإما سنشهد شهرا جديدا يطهرنا من هذا الوباء المذموم.
حلّ رمضان بحلته الطاهرة ولكن في وجود الوباء الذي ما زال يقاوم على وجه الأرض، استقبلته وأسرتي بنظرة تفاؤلية تخلو من التشاؤم.
في هذا الشهر أصدرت اللجنة العليا قرارات عديدة، نبهت وأوصت وألزمت بعدم الاختلاط، أبقت أجسادنا بعيدة عن بعضنا البعض خوفًا من انتشار الفيروس، وهذا ما دفعنا لتقليل الزيارات والتجمعات، وفي حقيقة الأمر زادنا هذا الأمر قربا من الله سبحانه وتعالى، فلا يوجد حديث طويل يضيع ساعات الليل، ولا تجهيزات لحضور أصحابنا تؤخرنا عن صلاة التراويح، ازدادت الخلوات وكثرت الصلوات ونسيت التجمعات، وأضحى رمضان أطهر وأنقى وإلى الجنة يزيدنا قربًا.
إن الوقت الذي كنا نقضيه في الزيارات ومشاوير الأسواق أصبحنا نقضيه ما بين التسبيح والاستغفار، ولعلي أرى في باطن تلك القرارات رحمة للجميع أراد الله بها أن يخفف من ذنوبنا بالإكثار من الحسنات وتقليل الملهيات، فحلّ الترشيد بدلًا عن الإسراف في الطعام، والقيام وقلة الملام.
ها نحن نستشعر روحانية هذا الشهر الكريم بنفس مطمئنة آمنة، نحيي السنن مع الأهل في المنزل وتزداد الروابط بيننا وتتاح الفرصة لاكتشاف النفوس، أصبحت أرى في أخوتي النحل الدؤوب الذي يحب التعاون مع الآخرين، هذا التعاون الذي كنا نفتقده بسبب انشغالهم خارج المنزل.
فرصتنا في رمضان أن نبحث عن ذواتنا ومواهبنا وقدراتنا، وأن نغوص في بحر الطاعات ونصلح ما أفسدناه في الشهور الماضية، واعلموا أن الصبر يعقبه فرجا وأن البلاء مهما طال ينزل ومعه الرحمة، وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم.