د. نجمة بنت سعيد السريرية
جميعنا يسمع دائما المقولة الشهيرة “من ليس له ماض فلن يكون له حاضر ولا مستقبل”، حيث أن دراسة الماضي تمثل في جوهرها التعرف على الذات، ومن ثم استشراف المستقبل، فما حدث في الماضي ويحدث الآن هو مصدر إرشادنا إلى ما قد يحدث في المستقبل.
وعبر التاريخ العماني العريق والأصيل، أكدت المرأة العمانية أنها جزء مهما من هذا التاريخ، وكانت لها بصمات ودورا كبيرا في مختلف المجالات، وهناك أسماء نسائية عمانية سجل التاريخ العماني أسمائهن بحروف من نور، وتذكر هذه الأسماء في كتب التاريخ كسيدات كانت لهن مساهمات كبيرة في مختلف المجالات.
وفي هذا المقال أحببت أن أتحدث عن دور المرأة منذ بزوغ النهضة العمانية، مرورا بالنهضة المتجددة التي يقودها مولانا حضرة صاحب الجلالة، السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه.
ففي بداية سنوات النهضة العمانية ومنذ عام 1970 ظهر الدور الإنساني للسيدة الجليلة والدة السلطان قابوس رحمهما الله، ورغم أنه في تلك الفترة لم تكن هناك قنوات للتواصل الاجتماعي أو النشر الإعلامي مثل ما هو عليه اليوم، إلا أن دور السيدة الجليلة كان حديث العديد من الناس، وكان يتم تداول بعض الأخبار عن مكرماتها الإنسانية للعديد من الأسر العمانية، وكانت قريبة من حياة الناس وخاصة في بعض المناطق المحيطة بها، لأن فترة السبعينات وبداية الثمانينات تختلف عن السنوات الحالية.
وتعد السيدة الجليلة أم السلطان قابوس -طيب الله ثراه- امتدادا لدور المرأة العمانية التاريخي في حياة الشعب العماني، ودورها في مجالات معينة وخاصة فيما يتعلق بحياة الناس ومتطلباتهم، لتكون السيدة الجليلة في كثير من الأحيان حلقة وصل مهمة بين الحاكم والشعب، وهناك أدوار عديدة لا يكفي هذا المقال لتسليط الضوء عليها.
اليوم ونحن أمام بدايات جديدة لنهضة متجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة، السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- برز ومنذ الأيام الأولى دور السيدة الجليلة حرم السلطان هيثم كدور مهم يرتسم أمامنا جميعا من خلال أنشطة وأعمال السيدة الجليلة خلال الفترة الماضية.
ولعل من أبرز الأمور التي تركز عليها السيدة الجليلة هو اهتمامها بدعم المرأة العمانية وتمكينها لتواصل مسيرة العطاء والعمل كشريك مهم في نجاح مسيرة النهضة المتجددة، حيث تحرص السيدة الجليلة على معرفة كافة التفاصيل المتعلقة بالمرأة العمانية ومتطلباتها والوقوف معها، مع طرح بعض الأفكار والمبادرات التي يمكن أن تساهم في تعزيز دور المرأة خلال الفترة المقبلة، ولا شك أن اهتمام سمو السيدة سينعكس إيجابيا على جوانب متعددة من حياة المرأة العمانية.
كما تابعنا أيضا اهتمام السيدة الجليلة بتعزيز دور جمعيات المرأة العمانية ومراكز الأطفال التخصصية ودعم وتشجيع العاملين في مجال الحرف التقليدية العمانية، وذلك بهدف تطويرها والاهتمام بها، كما يتضح أيضا ومنذ الزيارات الأولى للسيدة الجليلة، اهتمامها بالتاريخ العماني والمحافظة على كل ما يعزز الهوية العمانية الأصيلة ونقلها إلى جيل اليوم، لكي يحافظوا بدورهم عليها ويساهموا في تطويرها.
ولذلك فإنه في المرحلة المقبلة سوف نجد العديد من التطورات في عدد من الملفات والمواضيع التي يمكن أن تقف خلفها السيدة الجليلة، وتساهم في رسم ملامحها وتسليط الضوء عليها والاهتمام بها، سواء منها شخصيا أو من مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، فدورها سوف يكون له الأثر الإيجابي والمحفز لتحقيق الإنجازات وتقدم هذه المجالات المحددة، والتي يبدو أن السيدة الجليلة لها الاهتمام والرغبة الصادقة في تعزيزها خلال المرحلة المقبلة.
إن استمرار نشاط السيدة الجليلة في مختلف محافظات السلطنة وقربها من نبض المجتمع ومعرفة احتياجات مختلف الفئات أمر في غاية الأهمية، ويحظى باهتمام وإعجاب المواطنين واستبشارهم في وجود السيدة الجليلة بالقرب منهم، تتلمس احتياجاتهم وتتعرف على تفاصيل حياتهم وتساهم في تطوير العديد من المجالات والقطاعات، فهذا التوجه سيشكل مرحلة جديدة في مسيرة النهضة المتجددة، وسيمثل وجود السيدة الجليلة ونشاطها المجتمعي إحدى القنوات المهمة بين الشعب والحاكم، داعين الله عزوجل أن يوفق الجميع لما فيه مصلحة وخير وطننا الحبيب عمان، وأن نساهم جميعا في إنجاح مسيرتنا الظافرة تحت القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه.