الجمعية الاقتصادية العمانية تستعرض مستقبل العلاقات الاقتصادية بين دول المجلس والصين
6.6 مليار دولار حجم الاستثمارات الصينية في السلطنة وقطاع الطاقة يتصدرها
وزير التجارة والصناعة اللبناني السابق:
ـ السلطنة تمتلك مقومات لتكون بوابة الشركات الصينية للقارة السمراء نظراً لعلاقات التاريخية بإفريقيا
ـ وضع استراتيجية للاقتصاد الرقمي واستثمار عمق العلاقات الصينية لإنشاء معاهد للتكنولوجيا تدفع لخلق فرص عمل في السلطنة
مسقط- شؤون عمانية
استعرض المجلس الاقتصادي في نسخته الثالثة والذي تنظمه الجمعية الاقتصادية العمانية عن بعد مساء الأربعاء المنصرم مستقبل العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين إذ استضاف الدكتور ناصر سعيدي، وزير الاقتصاد والصناعة الأسبق في لبنان وحاوره خلالها الدكتور خالد بن سعيد العامري رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية.
وقال الدكتور ناصر سعيدي: أن الصين تمثل 64% من صادرات السلطنة يتربعها النفط والغاز أما في الاستيراد فتمثل الصين 11% فيما يتعلق بالسلطنة، و36% من الامارات إلا أن قسماً كبيراً من الاستيراد من الامارات هو إعادة تصدير وجزء كبير منه أتٍ من الصين وآسيا، وتبلغ الاستثمارات الصينية في دول مجلس التعاون 101 مليار دولار خلال الـ15 عاماً الماضية يتصدرها الاستثمار في قطاع الطاقة بنسبة 44% يليه قطاعي النقل والعقارات، وتبلغ حصة السلطنة من الاستثمارات الصينية في دول المجلس خلال الـ15 عاماً الماضية 7% وبنحو 6.6 مليار دولار بينها 76% منها في قطاع الطاقة والبتروكيماويات، مع انتعاش العلاقات التجارية بين البلدين سواء التبادل التجاري أو الاستثمارات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، كما تم بيع حصة كبيرة من الشركة العمانية لنقل الكهرباء للصين وهذا مؤشر على اهتمام الصين بالدخول للاستثمار في السلطنة.
وأشار إلى أن الجائحة العالمية كوفيد-19 أدخلت اقتصاديات دول العالم في حالة من الركود الشديد باستثناء الصين التي سجلت نمواً اقتصادياً عام 2020 ورغم التوقعات المستقبلية لعام 2022 تشير إلى انتعاش اقتصادي إلا أن هذا الانتعاش مبني على سياسات البنوك المركزية في العالم بمد السيولة والمساعدات المالية التي تقدمها هذه البنوك للعديد من دول العالم بالإضافة إلى مستقبل انتشار اللقاح وتأثيره على الصحة العامة .. مؤكداً أن الانتعاش الاقتصادي سيكون هشاً طالما انه مبنى على السياسات الاقتصادية والنقدية وانتشار اللقاح في دول العالم، وبرزت الركود العالمي ليست فقط في التأثير على الناتج القومي للدول وإنما في التجارة العالمية أيضاً التي تراجع بنسبة 2.9% ورغم انتعاش التجارة العالمية في الربع الرابع من عام 2020 إلا أن الانتعاش لن يستمر، كما انخفض الاستثمار المباشر 42% على المستوى العالمي.
وأكد سعيدي خلال استضافته بالمجلس الاقتصادي للجمعية أن من أثار وتداعيات الجائحة العالمية تعزيز استخدام التكنولوجيا عما هو عليه قبل الجائحة بينها العمل والدراسة عن بعد، وضخ استثمارات ضخمة في قطاعات الصحة والأمن الغذائي والطاقة النظيفة بالإضافة إلى ظهور تداعيات اقتصادية خطيرة بينها ارتفاع معدل الباحثين عن عمل وزيادة معدلات الفقر في العالم وكذلك ارتفاع مستوى اللامساواة في العالم خاصة فيما يتعلق بجائحة فيروس كورونا المستجد، وتشير الاحصائيات العالمية إلى ارتفاع نسبة البطالة لدى النساء أكثر من الرجال في العالم، كما لاحظنا الارتفاع غير المسبوق للدين العالم بنسبة إلى الناتج القومي العالم بما يتراوح بين 250% ـ 280% وهي أكثر نسبة تاريخياً منذ الحربين العالمية الأولى والثانية، والسؤال الأهم في العام الجاري هو كيفية تغير هيكل الاقتصاد العالمي؟! خاصة وأن بعض الأنشطة تأثير كثيراً بالجائحة العالمية كالقطاع السياحي العالمي.
وأضاف: الناتج المجلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي تراجع بنسبة 6% العام المنصرم 2020 والمتوقع للعام الجاري 2021 نمو بنسبة 2.3% وبحسب صندوق النقد الدولي تراجع الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة بحدود 10% العام الماضي وسيستمر بعام 2021 .. مضيفاً: أن كل المؤشرات سلبية سواء في الميزان الجاري وارتفاع المديونية والعجز المالي للدول، والمتتبع للأرقام القياسية لصندوق النقد الدولي ربما يصح القول إننا لم نشهد لها مثيل في أسوأ الظروف سابقاً، والمؤشر الوحيد الذي تحسن عالمياً تراجع حد التلوث وتحسن الهواء.
وقال الدكتور ناصر سعيدي: أن الصين ثاني أقوى اقتصاد في العالم سجلت نمواً استثنائيا عام 2020 ولا تزال الصين في بداية الطريق لتتربع على عرش الاقتصاد العالمي وخاصة فيما يتعلق باستخدام الرمبي في التجارة العالمية مثلما دخل الدولار واليورو والاسترليني وغيرها من العملات في تمويل التجارة العالمية ولكن من الملاحظ حسب المؤشرات أن الصين أصبحت ثاني الأسواق المالية العالمية بعد الولايات المتحدة الأميركية ونسبة النمو في السوق المالي الصيني لا مثيل له في التاريخ العالمي إذ تشير التوقعات خلال الفترة من 5 إلى 10 سنوات قادمة إلى منافسة الصين للولايات المتحدة الأميركية.
وأشار إلى أن متوسط الناتج المحلي العالمي عام 1980م كان يقع بين الولايات المتحدة وأوروبا وخلال عام 2015 يتضح من خلال المؤشرات الاتجاه نحو شرق آسيا ومن المتوقع خلال الفترة بين 2040 ـ 2050 أن يكون مركز الاقتصاد العالمي في الصين .. مشيراً إلى أن الصين تركز على ثلاث مرتكزات بعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة أولها التركيز الداخلي وخاصة الغرب الصين بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة تجارياً واستثمارياً والتركيز في الاستثمار على باقي دول العالم وخاصة آسيا وأوروبا والدول العربية من خلال الاستثمار في القطاع التكنولوجي، وتسعى الصين إلى تعزيز القوة الناعمة لها من خلال زيادة المساعدات العالمية وبينها مكافحة جائحة كوفيد-19 وغيرها، وتركيز الصين في علاقتها بالدول العربية على قطاع الطاقة والاستثمار في البنى التحتية وتسهيل التجارة والاتجاه إلى الاستثمار في القطاعات الجديدة.
وأكد مع التوقعات التي تشير إلى تربع الصين على عرش المركز المالي للعالم خلال العقود المقبلة فلابد من دول مجلس التعاون الخليجي تغيير سياسات المالية والاقتصادية مع شرق آسيا وبينها الصين، والمضي قدما بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بين دول المجلس والصين والتي مر عليها 20 عاماً من المفاوضات والتركيز على تعاون إستراتيجي في القطاع التكنولوجي عبر إنشاء معاهد للتكنولوجيا في دول المجلس بالتعاون مع الصين بالإضافة إلى تعزيز التعاون في القطاعات السياحية والمصرفية وكذلك التعاون في قطاع الطاقة النظيفة إذ تعد الصين أهم المستثمرين في هذا القطاع عالمياً وخاصة في الطاقة الشمسية، إذ أنتجت في عام 2018 طاقة نظيفة بمعدل أكثر من أوروبا وكذلك الولايات المتحدة، ولابد من وجود استراتيجية واضحة لدول مجلس التعاون فيما يتعلق بالعلاقة مع الصين للوصول إلى اتفاقية للتجارة الحرة بين الطرفين.
أكثر وفي رده على سؤال الدكتور خالد العامري، رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية لوزير التجارة والصناعة اللبناني السابق حول آفاق تعزيز التعاون بين السلطنة والصين واستثمار العلاقات بين البلدين لدعم القطاعات الاقتصادية في السلطنة، قال الدكتور ناصر سعيدي: أن السلطنة لابد ان تعمل على إيجاد استراتيجية للاقتصاد الرقمي ويمكن للصين التي تربطها علاقات تمتد لأكثر من 40 عاما مع السلطنة أن تلعب دوراً مهماً في توفير البنية التحتية للاقتصاد الرقمي كونها تمتلك مقومات تكنولوجية متطورة وإنشاء معاهد للتكنولوجيا التي ستسهم مستقبلاً في إيجاد فرص عمل .. مشيراً إلى أن أسعار النفط والغاز بحسب المؤشرات لن تعود كما كانت عليها سابقاً وعليه يتطلب الأمر التركيز على الطاقة النظيفة إذ التوقعات العالمية تشير إلى الطاقة الشمسية كمصدر رئيسي للطاقة في العالم مستقبلاً وربما آن الأوان أن يتم خصخصة حقول النفط والغاز في السلطنة مثلما خصخصة بعض دول المجلس جزءاً من شركاتها في هذا القطاع لتخفيف المخاطر المستقبلية وتحمل فقط جزء من المسؤولية الكاملة لهذا القطاع الحيوي مستقبلاً، واستثمار أموال الخصخصة في التنويع الاقتصاد الوطني، كما أن السلطنة لديها موقع استراتيجي مهم يضعها قريبة من الهند وكذلك من القارة الإفريقية ويمكن أن تكون السلطنة بوابة لإفريقيا قاطبةً من خلال تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع الشركات الصينية العاملة في القارة السمراء ويمكن أن تكون السلطنة التي لها علاقات وثيقة ممتدة مثل مئات السنين مع القارة الإفريقية بوابة للشركات الصينية إلى هذه القارة وكذلك للهند، واستثمار مطارات السلطنة كمحطات عبور بين الصين والقارة الإفريقية مع توجه إفريقيا اليوم ناحية الصين.