إيمان محمد
قالت الدنيا: انا الجميلة البهية متعي لا تعد ولا تحصي هلموا إلي بنو البشر ولا تديروا ظهوركم عني وتذهبوا إلى الآخرة فمازال عندي الكثير والكثير لأمتعكم به، عندي السلطة والمال والذهب والبنين والنساء .
ردت الآخرة بكل ثقة: أنا دار الخلود والبقاء اتركيهم وشأنهم فقد سأموا من متعك الزائلة وذاقوا منك العناء والشقاء وتكاثرت عليهم الأمراض والأوبئة وعانوا من ويلات الحروب والصراعات، لقد ضاقت عليهم الأرض بمارحبت وأخيرا استيقظوا من غفلتهم وانخداعهم بزخرفك أيتها الغرورة.
أجابت الدنيا بعجرفتها المعهودة: أنتِ علي خطأ أيتها الآخرة فمال زال الكثير من بني البشر يلهثون ورائي بحثا عن المتعة والشهوات، إنني حقيقة واقعة يعيشونها أما أنتِ فلا نعلم متي ستاتين فدعيهم يتمتعون بما لذ لهم وطاب.
سكتت الآخرة قليلا ثم قالت بصوت مفعم بالحزن: ياليت كل بني البشر يدركون بأني قد قاربت علي المجئ، لقد ظهرت أشراط الساعة واضحة للعيان، ليتهم يتذكرون ما أعد الله لهم من جنة فيها نعيم مقيم لا فناء فيها ولا نصب ولا ابتلاء.
ضحكت الدنيا بصوتٍ عالٍ وقالت: أنى لهم هذا أيتها الآخرة وقد اتبعوا سبيل الشيطان ولم يتعوذوا منه حق الاستعاذة وهجروا قرآنهم وخلت صلواتهم من الخشوع وبخلوا بزكاة أموالهم وتعرت نسائهم وفشت بينهم الرذيلة.
أجابت الآخرة بسرعة: لقد وعدهم الله بغفران ذنوبهم ما داموا مؤمنين موحدين بالله لا يشركون به شيئا وان التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فكفي عن إحباطهم والتغرير بهم، ولتستعدي للرحيل وانتظار أمر الله بالفناء، وأنتم احبابي بني البشر الموحدون اغتنموا ما تبقي من أعماركم في طاعة الله والتقرب إليه للفوز بالجنة والنجاة من النار.
أجهشت الدنيا بالبكاء وعلي صوتها بالنحيب: ياحسرتي ياحسرتي لقد اقترب حقا وقت فنائي أهكذا تكون نهايتي بعد أن كنت مطلبا للجميع، ياليت الزمان يعود بي يوم أن خلقني الله رحماك يا الله بي يوم فنائي.
ردت الآخرة قائلة: عجبا لكِ أيتها الدنيا باتساعك وجبالك ومياهك وأرضك وسماءك وجميع مخلوقاتك تخافين من يوم الفناء !!
مسكين أنت ايها الإنسان الضعيف: ياترى ماذا اعددت ليوم الرحيل!!