سعاد بنت علي العريمية
بسم الله الرحمن الرحيم: “قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ” الآية 101 سورة يونس.
لم يكن هذا الأمر الرباني هباءً، وإنما ككل أوامر الله لنا محفوفة بالمحبة والرحمات، فربنا الكريم يدعونا للنظر في آيات الكون الظاهرة في السماء والأرض؛ لنصل إلى عمق الإيمان بالله أو الإيمان لدرجة اليقين الذي إذا ما وصلنا له لن يستطيع أي شيء أن يزحزحنا عنه، وأن الله هو الخالق والرزاق والمدبر لأمر الكائنات في هذا الكون الواسع الذي لا ندرك منه إلا الجزء اليسير فقط، فسبحانه لطيف ورحيم بنا.
علينا أن نكون باحثين عن آيات الله بعين متلهفة للتدبر والتأمل، فإذا ما كنا كذلك أرانا الله عجائب قدرته ورحمته بجميع المخلوقات من أصغرها حجما وإدراكا إلى الأعلى إدراكا وهو الإنسان.
بينما أتجول مع إخوتي قرب شجرة “السمر”، لفتت أختي نظرنا إلى مشهد عجيب أدهشنا جميعا، فالشجرة انشق جذعها إلى نصفين، ونبت إلى جوارها شجرة ضعيفة تشبه الحبل، التفت حول جذعي شجرة “السمر” وأحكمت وثاقها واعتلت فوق الجذع لتشبك طرفيها في وسطها، ثم التفت حول الأغصان بشكل كامل وكأنها حبال ربطت حول بعضها البعض بإحكام غريب.
تلمست هذه الشجرة التي توقعت أنها ضعيفة، لكني دهشت بقوة إحكامها على أغصان شجرة “السمر”، وكأنها سلاسل من حديد، فسبحان الله الخالق وسبحان الله اللطيف، الذي تمثلت لنا صورة رحمته ولطفه بهذه الشجرة.
إن من لطف الله سبحانه وتعالى أنه أنبت شجرة صغيرة وضعيفة؛ لتشد عضد هذه الشجرة الكبيرة وتجمع أطرافها لتبقيها حية راسخة، فسبحان من أغاثها بهذه الشجرة التي تداخلت معها وتشابكت مع أجزائها وتداخلت مع أوراقها وأغصانها؛ لتجسد لنا آية من لطف الله ورحمته بجميع خلقه مهما كان، فكيف بلطفه بالإنسان؟! فسبحانه من رحيم وكريم ولطيف وخبير، ويا ليتنا نكون من الشاكرين حق الشكر.
إنه لمنظر عجيب يتضح في هذه الصورة، مدللا على حكم وعبر، أولها أن رحمة الله تشمل جميع خلقه حتى وإن كان هذا المخلوق غير مدرك مثل النباتات، وعلينا ألا نستهين بمن يقل عنا عمرا وعقلا وحجما وعلما، فلربما كان لنا وسندا في فترة قد يبلغ فيها ضعفنا حد السقوط.
سبحان الله الكريم الذي بسط لنا آيات قدرته ووحدانيته على صفحة السماء والأرض والكون الفسيح، رحمة وعناية بنا، ودعانا للتأمل والتفكر فيها؛ لتطمئن قلوبنا وترتقي أرواحنا بالإيمان بوحدانيته وعظمته، فسبحان الله العظيم وله الحمد عدد ما يرضيه عنا.