أحمد بن علي الشيزاوي
تصنف المعوقات التي يصطدم بها أو يصنعها الشاب في أحيان أخرى إلى ثلاث فئات هي:
1 ـ معوقات ناتجة عن سوء التخطيط على الصعيد الشخصي
2 ـ معوقات أسرية واجتماعية.
3 ـ معوقات تساهم الحكومات في وضعها.
فعلى الصعيد الشخصي يعتبر سوء التخطيط لاختيار التخصص أو المؤهل الدراسي ( اختيار المؤهل الدراسي هو قرار استراتيجي ) من المعوقات للحصول على وظيفة ، وأذكر أنه في عام 1999 زارنا أحد الإخوة الشباب حديثي التخرج شاكياً من أن الجهات الحكومية لا تمنحه فرصة التعيين وفقا لمؤهله الأعلى الماجستير، إنما اقتصرت الفرصة على قبول تعيينه بمؤهل البكالوريوس و اتضح أن هذا الشاب قام بدراسة أحد التخصصات التي لا توجد لها أية مجالات تطبيق عملية في السلطنة حتى في غضون العشرين سنة القادمة .
إن الرسم الدقيق للأمور يجب أن يكون على مستوى اهتمام الجماعة لا اهتمام الفرد؛ فذلك هو سر التخطيط الناجح لرسم المستقبل، وجميع من نجح وخلد اسمه على مدى التاريخ كان اهتمامه بتطلعات واهتمامات المجتمع وبذلك يتحقق النجاح الشخصي ضمنيا.
علما بأن من سوء التخطيط اختيار سقف طموح عالٍ جدا لا يتناسب وإمكانات الفرد وطاقاته، أو وضع فترة زمنية قصيرة نسبياً لتحقيق الطموح أو تقدير تكاليف تنفيذ الطموح بمستوى اقل من التكلفة الفعلية، جميعها عوامل من شأنها أن تقف عائقاً أمام طموحات الشباب.. .
أما فيما يتعلق بالمعوقات الأسرية والاجتماعية فإننا نجد أن الفراغ التربوي ــ انقطاع التوجيه الأسري من ولي الأمر ومن يلوذ بهم الفرد ــ هو انعكاس سلبي على البناء النفسي والعقلي والتوجهات الثقافية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية للشاب، فشعور الفرد بالغبن أو بعدم امتداد مظلة العدالة الاجتماعية لتشمله.
كأن لا يحصل على فرصته وحقوقه الطبيعية نتيجة تجاوز النظم آو استغلال النفوذ أو اتخاذ المنصب الوظيفي سلماً للنفوذ والتكسب، أو التمييز وفقا للجنس أو المعتقد أو الفكر، جميعها تعد معولاً هادماً لطموح الشباب بل وتصنف كشرارة تقدح في تشكيل شخصيات ناقمة على المجتمع..
تكاد تكون هذه الشريحة الثالثة من المعوقات هي التي يلقى عليها الشاب اللوم وخصوصا ممن لا يعانون من معوقات الشريحة الأولى والثانية ،،،
إن ضبابية التخطيط لاحتياجات سوق العمل بالنسبة للحكومات وعدم الوضوح للمسارات المستقبلية للأجيال هو أكبر معوقات تنفيذ طموح الشباب، نذكر على سبيل المثال:
في منتصف التسعينيات من القرن الماضي كانت كليات التربية في كل من جامعة السلطان قابوس وكليات التربية للمعلمين والبعثات الخارجية بالإضافة إلى مخرجات برامج التأهيل التربوي تضخ في السوق أعداداً كبيرة من الخريجين والتي كانت تستوعب تلقائياً في سوق العمل وبشكل عشوائي بغض النظر عن التخصص وعلى نحو فوري، حيث كانت إجراءات التعيين بسيطة جداً، فأصبح التنافس على دخول كليات التربية على أشده حيث كانت الوظيفة مضمونة وبنسبة تصل الى نسبة 100 % في أغلب الأحيان..
في تلك السنة تم توجيه النداء إلى وزارة التعليم العالي لتقنين عمليات ضخ مخرجات كليات التربية ، والتركيز على التخصصات النادرة في حينها والتي كانت الوزارة تعاني من عجز حاد في توفيرها للمواءمة بين مخرجاتها واحتياجات سوق العمل.
تداركت الوزارة الأمر ولكن في وقت متأخر، مما نتج عنه عدة تداعيات من أهمها وجود فائض من مخرجات كليات التربية، أصحاب مهن نمطية في ظل وجود مفهوم ان التعليم من أجل العمل لا التعليم من أجل التعليم اصطدموا بواقع صعب فأصبحوا يمارسون ضغطاً مجتمعياً على الجهات المعنية لحصولهم على فرص عمل مناسبة .
من الأمور الأخرى التي يجب أن نسلط عليها الضوء، تجاهل الجهات المعنية للشائعات والدعابات التي يتداولها المجتمع، إن تحليل ودراسة كل منها هو وسيلة ناجعة لتذليل صعوبات كثيرة تواجه الشباب فالشائعات وان كانت تحمل جزء من الحقيقة وجزء أكبر من المعلومات المغلوطة إلا أنها تعكس التصورات التي يحملها الفرد عن الأوضاع الراهنة كما أن الدعابات هي تنفيس مجتمعي عما يخالجه من مشاعر.