رصد _ شؤون عمانية
لم يدرِ عصام الفضيلي وهو عائد من عمله بأنه سيصاب بالكورونا إلا عندما بدأت الأعراض تظهر عليه، التي جاءت على شكل حمّى خفيفة في البداية، لتتطوّر إلى قوية في اليوم الثاني، ثم آلام في العظام والصداع، وبعدها آلام بالحلق وضيق في التنفس.
استمرت الأعراض لديه أسبوعين، لتبدأ بعدها بالتلاشي، لكن تجربته جعلته يسعى إلى مساعدة الآخرين حتى لا يمروا بمثل تجربته الأليمة، فسمع بالتبرع ببلازما النقاهة المناعية.
سارع عصام بالتواصل مع مستشفى جامعة السلطان قابوس للتبرع بالبلازما، فقاموا بإجراء الفحوصات اللازمة له، ليقوم حتى كتابة هذه الكلمات بالتبرع بثلاث مرات في بنك الدم الجامعي على فترات متقطعة، وهو ما أوجد لديه شعورًا مختلفًا يصفه لنا بقوله ” الشعور أكثر من رائع، وذلك بمجرد التفكير أن هذه البلازما قد تُنقِذ حياة إنسان من خطر فايروس كورونا”.
من جهتها أوضحت الدكتورة أروى بنت زكريا بن يحيى الريامية -استشاري أول علم أمراض الدم بمستشفى جامعة السلطان قابوس- آلية التبرع ببلازما النقاهة المناعية لاستخدامها في علاج المرضى بكورونا (كوفيد-19).
وقالت الريامية: توجّه الدعوة للتبرع ببلازما النقاهة المناعية بمستشفى جامعة السلطان قابوس لجميع المتشافين من مرض كوفيد ١٩ بعد مرور ما لا يقل عن ١٤ يومًا من خلو المتعافي من الأعراض وانتهاء فترة الحجر الصحي .
وبيّنت الدكتورة أن عملية التبرع بالدم بشكل عام تمر بمراحل مختلفة تهدف إلى التأكد من سلامة المتبرع ومدى إمكانية تبرعه، وتبدأ هذه المراحل بمقابلة الطبيب المختص لمراجعة حالة المتشافي وأخذ إقرار الموافقة على التبرّع ببلازما النقاهة المناعية. كما يتم القيام بفحوصات خاصة تحدد إمكانية المتبرع للتبرع بهذه البلازما والوقت المناسب لذلك، وتتضمن العملية فحوصات مخبرية؛ للتأكد من معافاة المتبرع من الفيروس وتحديد الوقت المناسب للتبرع منها المسحة الطبية، وفحص دم لقياس مستوى الأجسام المضادة ضد الفيروس.
وأشارت الدكتورة إلى أن ملف المتبرع يتم تحويله إلى بنك الدم الجامعي لمراجعة نتائج الفحوصات والتواصل مع المتبرع وتحديد موعد التبرع. ويتم من خلال التواصل مع المتبرع التأكد من استيفائه لشروط التبرع والتأكد من إمكانية قدومه للبنك متضمنة شفاءه من المرض، وعدم وجود أي أعراض لديه، وعدم مخالطته لأيٍّ من المصابين التزامًا بالشروط الخاصة للتبرع بالدم في ظل جائحة كورونا. كما يتم تزويد المتبرع بنصائح عامة قبل قدومه للبنك للتبرع.
وأوضحت أن المتبرع يمر بخطوات التبرع العامة منها ملء استمارة التبرع بالدم، وفحص مستوى الهيموجلوبين والوزن والضغط وأخذ العينات للفحوص الخاصة بفيروس الكبد الوبائي ب و ج ومرض نقص المناعة وغيرها. ويتم التبرع بالبلازما باستخدام جهاز خاص يقوم بجمع البلازما في كيس خاص وبطريقة آمنة ومعقمة. ويستغرق هذا الإجراء حوالي 30-60 دقيقة يتم من خلاله التبرع بحوالي نصف لتر من البلازما.
وقالت أيضًا: يتم فصل البلازما بعد التبرع إلى ٢-٣ وحدات ويتم معالجتها بتقنية خاصة Pathogen inactivationتهدف إلى التخلص من أي فيروسات وميكروبات في البلازما. كما يتم التأكد من جودة البلازما ومستوى الأجسام المضادة من خلال فحوصات خاصة . ويتم تخزين البلازما في جهاز التجميد الخاص بوحدات الدم ببنك الدم الجامعي إلى أن يتم طلبها لمعالجة المرضى، حيث يحتاج المريض الواحد لما يقارب ١-٢ وحدة من البلازما بحسب حالته المرضية.
وذكرت: عندما يكون هناك مريض من المرجح أن يستفيد من البلازما وبعد أخذ الموافقات الخاصة، يتم طلب البلازما من بنك الدم، ثم يتم إخراج وحدة البلازما من جهاز التجميد وإذابتها إلى درجة حرارة الغرفة، ثم يتم إعطاؤها للمريض من خلال الوريد. ويتم مراقبة حالة المريض ومتابعته عن كثب وتحديد مدى استجابته. وبعد تبرعه يتم التواصل مع المتبرع للتأكد من حالته، وتحديد الموعد التالي للتبرع، حيث بإمكانه التبرع بالبلازما أسبوعيًا على ألا يزيد إجمالي تبرعه عن ٤ مرات.
يُذكر أن الدكتورة أروى الريامية أجرت دراسة تحليلية ضمن فريق من المختصين بالجمعية العالمية لنقل الدم بهدف توفير توصيات خاصة للقائمين في مجال نقل الدم والباحثين حول استخدام بلازما النقاهة المناعية، وتحديد الثغرات المعرفية الرئيسية في التطبيق السريري لاستخدامها.
وتم في الدراسة مقارنة معايير اختيار المتبرعين للتبرع بهذه البلازما وآلية تصنيعها وحفظها في بنوك الدم في 22 دولة بـ 6 قارات، ومقارنة الآليات والتحديات في توفيرها بالدول المتقدمة والدول المتوسطة والمحدودة الدخل.
وخلصت أهم الاستنتاجات إلى أن استخدام بلازما النقاهة المناعية للمرضى المصابين بكورونا (كوفيد-١٩) يكون ضمن إطار دراسة سريرية بقدر الإمكان، مع اتخاذ القرار ببدء الدراسات السريرية في استخدامها في وقت مبكر من الجائحة بعد تقييم الإمكانات لتوفيرها والفوائد المتوقعة والمخاطر المحتملة من استخدامها، ويتوجب استخدامها في المراحل الأولى من المرض؛ بناءً على الخبرات من استخدام هذه البلازما في الالتهابات الفيروسية الأخرى، وأهمية التأكد من سلامتها على المرضى البالغين والأطفال المصابين بكورونا، كما يجب تقييم فعاليتها مقارنةً ببدائل العلاج الأخرى كلما أمكن ذلك.
الجدير بالذكر أن بنك الدم الجامعي يعمل في هذا الجانب ضمن دراسة سريرية يقوم بها فريقٌ من الباحثين من مستشفى جامعة السلطان قابوس يترأسه الدكتور زيد بن الخطاب الهنائي تهدف إلى دراسة هذا النوع من العلاج للمرضى المصابين بمرض كوفيد-١٩