عبدالله الشافعي
كاتب وصحفي مصري
بمجرد الوصول إلى مطار العاصمة مسقط، أكثر ما يلفت انتباهك هي تلك اللافتة الكبيرة التي كُتب عليها حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لو أن أهل عمان أتيت، ما سبوك ولا ضربوك».
ينعكس مفهوم هذا الحديث ومعانيه على طباع ومعاملات أهل السلطنة الهادئة، يحملون في قلوبهم الطيّبة التواضع وحسن المعاملة، لا يشغل تفكيرهم جنسية هذا أو دينه أو اعتقاده، فالجميع على أرض سلطنة عمان مُكرمون.
تجذبك الحياة في سلطنة عمان وتأسرك، هنا حيث تشعر بالطمأنينة والراحة النفسية اللامتناهية، تسحرك طبيعتها البسيطة وليلها الهادئ.
يعيش الجميع في سلام نفسي، فالسلطنة حائزة على المركز الأول عربيًا في مؤشر السلام العالمي، ضمن قائمة أفضل الوجهات الأكثر سِلمًا وأمانًا للمعيشة وجودة الحياة لعام 2019 وذلك ضمن استطلاع أجرته شبكة “انترنيشن” الألمانية.
لن تجد في السلطنة الأبراج العالية وناطحات السحاب والمباني الخيالية التي طالما نرسم صورا لها في مخيلتنا عند ذكر الدول الخليجية، لكنك ستتفاجأ بمبانٍ حديثةٍ محافظةٍ على الشكل التراثي القديم، معظمها باللون الأبيض، خصوصا في العاصمة، التي تلقب بالمدينة البيضاء.
كما أن أهل عمان ملتزمون بزيّهم المميز والمختلف عن أزياء باقي الدول الخليجية، متمسكون به كجزء من هويتهم، حتى قد يظن غير العارف بالسلطنة وأهلها أنهم لا يسعون للتقدم والتطور وهذا غير صحيح.
تسير سلطنة عمان نحو الحداثة متمسكة بهويتها وتراثها القديم، تلك الإمبراطورية العمانية التي كانت تمتد على مساحة شاسعة من الجزيرة العربية.
في الحديث مع أحد الأصدقاء العمانيين، قال إن أهل عمان لا ينشغلون بالمظاهر التي نراها في الكثير من الدول مثل المباني وغير ذلك بقدر تمسكهم بهويتهم التي لا يريدون الانسلاخ عنها، ويعملون على تربية النشء على قيم التسامح والمواطنة والحفاظ على الهوية والتراث.
في عُمان، لا تفريق بين مواطن أو وافد، ويشعر كثير من الوافدين بشيء يدفعهم نحو البقاء حتى وإن ضاق بهم الحال، وهذا هو “سحر عمان” الذي يتحدث عنه الكثيرون.
يأخذنا الحنين لأوطاننا في كل لحظة، لكن ما يهوّن على قلوبنا ألم الغربة وفراق الأهل هو العيش في هذه السلطنة الهادئة لا دولة أخرى.