شؤون عمانية
تحصين دفاعي أثري في مقنيات بولاية عبري بمحافظة الظاهرة، قام بتشييده فلاح بن محسن بن سليمان بن سليمان النبهاني “ت: 983هـ ـ 1575م” في تاريخ لم تحدده المصادر بدقة، غير أن المعروف أن فلاحاً تولى على أرض الظاهرة في زمن حكم أخيه السلطان سلطان بن محسن “حكم: 964 ـ 973هـ ـ 1556 ـ 1565م” أول ملوك النباهنة في فترة حكمهم الثانية، واختار فلاح مقنيات مقراً له، وبنى فيها حصن الأسود أثناء فترة حكم أخيه التي دامت تسع سنوات، ثم كان يتردد عليها مراراً بعد تسلمه الحكم في الفترة ما بين “976 ـ 983هـ ـ 1568 ـ 1575م” مما جعل منها مركزاً رئيساً للنباهنة بعد عاصمتهم بهلاء.
حول سبب تسمية الحصن تشير الروايات الشفهية إلى أن فلاحاً سماه باسم ولده الأسود الذي توفي صغيراً، ثم استقر إبناه: عرار “حكم: 1019 ـ 1024هـ ـ 1610 ـ 1615م” ونبهان “حكم: 1025 ـ 1026هـ ـ 1616 ـ 1617م” سواء أثناء ولايتهما عليها، أو في مدة ملكهما لعمان، وشهدت سنة “1026هـ ـ 1617م” سقوط حصن الأسود من يد النباهنة بخروج نبهان بن فلاح منه على أيدي بعض الأمراء المتحالفين مع أهل البلدة.
في بداية عهد اليعاربة حاصر الإمام ناصر بن مرشد “حكم: 1034 ـ 1059هـ ـ 1624 ـ 1649م” ثلاثة أشهر حتى تمكن من ضمه إلى دولته، وجعل فيه محمد بن علي بن محمد “ق: 11هـ ـ 17م” والياً، واستمر في أيدي اليعاربة طيلة عهد دولتهم، حتى سيطر عليه محمد بن ناصر الغافري “حكم: 1137 ـ 1140هـ ـ 1724 ـ 1727م” قبيل عقد الإمامة عليه، وعين فيه مبارك بن سعيد بن بدر الشكيلي “ق: 12هـ ـ 18م” والياً، ولم تذكر المصادر أخباراً تاريخية مهمة بعد ذلك عن الحصن.
يقع حصن الأسود على نتوء صخري عالٍ تنتشر في أسفله بساتين النخيل، وتحيط به صخور حادة شديدة الانحدار، في سفحها بعض البيوت والمساكن القديمة، وتبدأ من الأسفل طريق ضيقة متعرجة واضحة المعالم تنتهي في الأعلى إلى مصطبة عالية، يليها مدخل الحصن المقنطر، وهو مدخله الوحيد، وكل هذه الأساليب البنائية تجعل الطريق إليه وعراً من الصعب مهاجمته.
يطل مدخله الرئيس على ساحة مفتوحة واسعة، تتفرع منها منافذ متعددة تؤدي إلي غرفه التي يلتصق معظمها بالأسوار، وفي الساحة بئر ومسجد ومخازن للأسلحة والمؤن ودرج يؤدي إلى سطح يضم غرفاً للعساكر ومخازن أخرى.
يتخذ الحصن شكلا مربعا، وهو محاط بأبراج ثلاثة من جميع جهاته، ما عدا جهته الجنوبية التي تشير التنقيبات الأثرية إلى وجود برج رابع فيها كان قائماً ثم انهار، وأبراجه الثلاثة هي برج المطمرة، وبرج الصباح، وبرج الريح “يسمى أيضاً برج القبيل” يبلغ ارتفاع قواعده 2 متر، من غير القاعدة الصخرية الطبيعية التي تشكل تحصيناً دفاعياً مهما له، وترتفع حوالي 4 أمتار أخرى، أما الجزء العلوي من الأسوار فهو مشيد بقوالب مخروطية على غرار ما هو موجود في قلعة بهلاء وحصن حزام في سمد الشأن، وكلاهما يعود بناؤه أو تجديده إلى عصر النباهنة، وهو ما يقدم صورة عن النمط المعماري المستعمل في ذلك العصر.
يبلغ أقصى ارتفاع بسور الحصن عند واجهته الشمالية الغربية إذ يصل إلى 33 متراً، وقطر أبراجه بين 6.5 ـ 8م ومعظم أسواره مشيدة بالحجر الذي صفت عليه قوالب الطفال “الطوب” باستثناء السور الشمالي الشرقي المشيد بالجلاميد النهرية.
المصدر: الموسوعة العمانية ـ الطبعة الأولى ـ الجزء الأول ـ ص 230 ـ 231