سالم الرحبي
تذكر كتب التاريخ العديد من المعارك التي خاضها العمانيون دفاعاً عن استقلالهم السياسي وقرارهم السيادي، وتشهد الكثير من المواقع على دماءٍ زكية وأرواحٍ طاهرة افتدت سيادة الوطن، وكم من غازٍ وطامعٍ ومعتدٍ تكسرت مجاديفه على شواطئ بحر عمان..
وحين كان الزمن يدور دورته الاعتيادية فيشحُّ الخير والرزق يتدثر العماني بمعطف الكرامة ويرتدي تاج القناعة ويتمنطق سيف الصلابة والصبر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
ولم تسجل كتب التاريخ للعماني الهوان ولا الذل ولا الشكوى إلا لباريه وخالقه، ولم ينكسر أمام عواصف الدهر وتقلباته، وإذا ما ضاق به العيش رفع أشرعة التجارة وأبحر يتحدى الأمواج العاتية تاجراً صادقاً أميناً يقايض بضاعته أو يبيعها ثم يقفل راجعاً محملاً بما جادت به رحلة البحر.
ولم يكن لهذه الحضارة العريقة وهذا الإرث الخالد أن يتواصل ويستمر لولا تلك الجينات المحملة بالشهامة والعزة متنقلةً من جيلٍ إلى جيل، تحرث الأرض بإصرارها وتزرعها بمحبة كبيرة ووفاءٍ خالص.
وأمام كل هذا الإرث العظيم على العماني أن يتحلى اليوم بكل معاني الفخر والصبر وأن يحفظ لعمان كرامتها وعزتها وأن يستحضر ماضي الأسلاف وتضحياتهم في سبيل عمان الحضارة، وليس علينا الالتفات إلى دعوات التثبيط والتثاقل واليأس.. فلا يؤخذ المجد بالتمني ولا بالتشكي بل يكون غلابا.
علينا وفي هذه الأوقات العصيبة أن نؤمن بقوتنا أكثر من أي وقت مضى وأن نؤمن بقدرتنا على تجاوز الصعاب وجرأتنا على اقتحام ساحات العمل والصبر بروحٍ وثابة وعزيمة متقدة ، فعمان تنتظر من أبنائها الكثير وتعوّل عليهم الكثير، ومهما تعاظمت العقبات فإن القادم أجمل بإذن الله.
وأول خطوة نبدأها هي بالاعتراف بأزمة اقتصادية تلمُّ باقتصاد البلاد، ثم بتقدير كل خطوات الحكومة التي ترمي إلى التعامل مع الأزمة، ونتوج كل هذا بيقيننا التام أن هذه الخطوات سيتبعها الفرج القريب..
وإذا ما تأملنا في كل هذه الخطوات فإنها ترمي إلى تجاوز الأزمة والخروج منها بأقل الخسائر وسيحمل العام القادم ما هو أجمل مع بدء جني الثمار حيث اكتمال البنى الأساسية من مطارات وموانئ وشبكات طرق بشكل تام، ونهوض جهاز الاستثمار العماني الذي ستعتمد جميع الشركات الحكومية التابعة له على دعم نفسها بنفسها، فضلاً عن بدء العمل في حقل غزير، وتحصيل جميع الإيرادات في جهة واحدة تمثلها وزارة المالية، ومساهمة ضريبة القيمة المضافة، كل هذا سيؤتي ثماره يانعة في القريب العاجل، وستنهض عمان من جديد، وسنوفي الوعد لباني نهضة عمان طيب الله ثراه ونكمل المشوار مع من اصطفاه لنا قائداً وأباً، وسنحتفل بكل هذه الإنجازات بنفس الفخر الذي احتفل به الأوائل وهم يطردون الغزاة ويردون المعتدي ويردعون كل طامع.
عمان بها من الخير ما يجعلها قادرة على المضي، وأكبر خيرها هم أبناؤها البررة الأصفياء الذي تعوّل عليهم في هذه المرحلة الفاصلة..