العمانية _ شؤون عمانية
تضم قاعة عظمة الإسلام في المتحف الوطني بمسقط عددا كبيرا من المخطوطات العمانية في علوم العقيدة الإسلامية والعلوم الطبيعية وفروعها ومن بينها علوم الفلك والأحياء والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات وعلوم اللغة العربية وآدابها، إضافة إلى أنها تعرض مجموعة من مصاحف القرآن الكريم العمانية المخطوطة التي تتميز بنمط كتابتها، وتجليدها وزخرفتها وتذهيبها.
ومن بين المخطوطات التي تعرضها القاعة للتعريف بإسهامات المدرسة العمانية في علوم العقيدة الإسلامية أرجوزة النعمة الكافية للعلامة الشيخ محمد بن إبراهيم بن
سليمان الكندي السمدي النزوي، ومخطوط النور المستبين في إيضاح الحجج والبراهين للشيخ عبدالله بن بشير الحضرمي ومخطوط منهج الطالبين وبلاغ الراغبين الجزء الخامس ، إضافة إلى أنها تعرض الجزء الثاني من مخطوط بيان الشرع الذي يعتبر من أقدم وأهم المراجع الفقهية لأهل عمان و الذي نسخ بعد مئات السنين من وفاة مؤلفه.
ويقول فهد بن علي السعدي الباحث في التاريخ إن مؤلف كتاب بيان الشرع هو أبوعبد الله محمد بن ابراهيم بن سليمان الكندي وهو من علماء القرن الخامس الهجري توفي سنة 508 للهجرة، وهو قاض وفقيه وناظم للشعر وكان من المجتهدين في طلب العلم وتتلمذ على يد مشايخ عصره في وقته كالشيخ أبي علي الحسن بن أحمد بن محمد بن عثمان النزوي، وترك الشيخ الكندي العديد من المؤلفات العمانية والرسائل المختصرة في مجالات الفقه والعقيدة وله جوابات متفرقة وله أيضا قصيدة “العبيرية”، وهي في وصف الجنة وما أعد الله فيها لأهلها وتقع في 83 بيتا.
وأضاف إن “بيان الشرع هو أشهر كتاب عماني مؤلف وهذا الكتاب إن ذكر فإنما يتبادر الى الذهن الموسوعات العمانية التي تعد بعشرات الاجزاء، وهو يقع في 72 جزءا، ونسخه تتجاوز أكثر من 3 آلاف مخطوطة موجودة في عمان وخارجها، وهو يتناول اساسا اصول الشريعة وفروعها وبها شيء من التاريخ والعلوم الأخرى التي ربما لم نجد فيها مؤلفات كثيرة للعمانيين، وقد التفت عدد من الباحثين في الفترة المتأخرة فكتبت العديد من الرسائل العلمية في مواضيع تاريخية كان المصدر الأول لها هو كتاب بيان الشرع حيث إنه مرجع مهم لمن أراد أن يكتب تراجم علماء عمان عبر قرونها إلى الشيخ الكندي، وقد كتبت بحمد الله كتابا يتكون من أكثر من 600 ترجمة اعتمدت فيها على كتاب بيان الشرع، ومنها ترجمة لأحد العلماء وهو أبو المؤثر الصلت بن خميس في عشرين صفحة من خلال كتاب بيان الشرع، وأيضا ترجمة للشيخ موسى بن علي الإزكوي في أكثر من 30 صفحة بالرجوع إلى نفس الكتاب، وأيضا يمكن للقارئ لهذا الكتاب أن يجد مسائل متصلة بالجغرافيا في حدود البلدان العمانية والتعريف بها ويمكن أن نعمل أطلس تاريخيا عمانيا بالرجوع إلى كتاب بيان الشرع،
كما يمكن للباحث في مجال الاقتصاد أن ينظر إلى هذا الكتاب وإلى المسكوكات والعملات الموجودة وطرق البيع والشراء وتنظيم فقه الأسواق وغيرها”.
وأوضح انه “كما يذكر أن مؤلفه توفي قبل أن يرتبه، إنما الذي رتبه ووضع مقدمته ابن عمه أحمد بن عبدالله الكندي صاحب كتاب المصنف وهو موسوعة أيضا يقع في 41 جزءا”، مشيرا إلى أن “صاحب كتاب بيان الشرع حاول في كتابه هذا أن يجمع كثيرا من مؤلفات وآراء العلماء الذين تقدموه، ولم يكن عالما منغلقا، وضمن في كتابه مؤلفات في الفقه لعلماء غير عمانيين ومن مذاهب أخرى، ومنها مثلا كثير من مؤلف الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر، كما تضمن مسائل للعديد من النوازل العمانية وهي جوابات للعديد من المسائل التي وجهت لعلماء عمانيين سبقوه، ورتب تلك الجوابات حسب الموضوعات، كما أنه رتب كتابه ترتيبا محكما حسب الأبواب الفقهية المتسلسلة”.
وأكد الباحث فهد السعدي في حديثه أنه “نظرا لأهمية هذا الكتاب فقد تناوله العلماء بالنسخ واعتنوا به، واختصروه ومن بين من اختصره من العلماء العمانيين الشيخ سعيد بن عبدالله بن عامر الإزكوي وله كتاب سماه “الاختصار من معاني الآثار”، كما أن كل من جاء من الفقهاء من بعد الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي كانوا عيالا على هذا الكتاب، وقلما يوجد كتاب بعد الشيخ الكندي إلا واعتمد على كتاب بيان الشرع الذي جعله الشيخ جميل بن خميس السعدي أصلا لكتابه قاموس الشريعة وهو كتاب يقع في 90 جزءا مع اعادة ترتيبه، مشيرا إلى أن من خصائص المؤلفات العمانية انها تتضمن زيادات من قبل النساخ او العلماء ومن أشهر تلك الكتب والمؤلفات كتاب بيان الشرع.
وتشتمل أجزاء كتاب “بيان الشرع” على أبواب في العلم وأصول الفقه وأحكام القرآن وعلومه وأصول الدين والولاية والبراءة والحكم والمواعظ والوصايا والآداب والنيات والطهارة والنجاسات والصلاة والزكاة والصيام والحج والنذور والكفارات والأيمان والذبائح والقضاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعاوى والشهادات والإقرار، وصرف المضار والنكاح والفراق والعدة وحقوق الأزواج والأولاد، والحيض وأحكام العبيد والنسب والأيتام، والوصايا والفرائض والأمانات والضمانات والحدود والقصاص والديات والإمامة والجهاد والحرب، كما اشتمل على عدد وافر من النوازل والمسائل العلمية التي تعكس صورة حيّة للمجتمع العماني في ذلك الوقت إضافة إلى مادة غنية حول فقه السياسة الشرعية والتاريخ السياسي بعمان.
كما أنه يعد أكبر كتاب مصنف بعد (قاموس الشريعة) للشيخ جميل بن خميس السعدي المولود ببلدة القرط بالقرب المصنعة، والذي عاش في القرن الثالث عشر الهجري، ويقع في 90 جزءا، وهو من أكبر الكتب الإسلامية أيضًا، ويحتوي على كل أبواب الشّريعة من العقيدة والفقه والآداب والأخلاق، وأصول الفقه، وجملة كبيرة جدا من الآثار والأحاديث، كما يحوي أقوال العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية من القرن الأول الهجري إلى القرن الثالث عشر الهجري.