د. عثمان بن عبدالرحمن البلوشي
استشرف العمانيون في الثاني عشر من ديسمبر ٢٠١٣م بالأوامر السامية للسلطان الراحل – طيب الله ثراه – بإعداد الرؤية المستقبلية ٢٠٤٠ (رؤية عمان٢٠٤٠) من خلال وثيقة مصوّغة بدقة وإتقان بمشاركة مجتمعية واسعة تستهدف مختلف الفئات العمرية والمجتمعية والخدمية تعكس الواقع الاجتماعي والاقتصادي والصحي والتعليمي والتكنولوجي بالسلطنة بمسودة أولية للتخطيط الاستراتيجي خلال العقود الحالية من الرؤية والتي كانت تستهدف العلاقة وتبادل الأدوار بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص بمؤسسات المجتمع المدني تحقيقًا لضمان فاعلية الاقتصاد العماني المتنوع والتنمية المستدامة الشاملة.
الهوية العمانية الأصيلة كانت حاضرة نحو الانطلاقة الأولية لوثيقة الرؤية والمنشورة في الحادي عشر من سبتمبر ٢٠١٩م برئاسة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – وفق التوجيهات السامية للسلطان الراحل – طيب الله ثراه – وكان الاهتمام الاقتصادي واضحًا في الوثيقة مراعيًا للعدالة في توزيع مقدّرات التنمية بين جميع المحافظات وحماية الموارد الطبيعية وطريقة إدارتها بحيث تساهم في تنويع الدخل الاقتصادي إلى جانب مصادر الطاقة الأخرى المساهمة في رفع مستوى معيشة المواطن العماني.
الأولوية الوطنية كانت تلوح نحو التنمية الشاملة من خلال العناية بالتعليم في السلطنة والتي استبشرت في العهد الميمون لمولانا حضرة صاحب الجلالة – يحفظه الله – بتسمية العام ٢٠٢٠ عامًا للتعليم المُدمج إيمانًا من لدنّ جلالته – يحفظه الله – بأهمية منظومة التعليم في قيادة التنمية الشاملة في البلاد ودعم البحث العلمي والاهتمام بالابتكارات العلمية والتكنولوجية المختلفة تحت مظلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
إلى جانب ذلك فإن تحقيق ثوابت المواطنة بارزة في تطوير الخدمات الأساسية والصحية لضمان الرفاه المجتمعي لجميع شرائح المجتمع العماني، لهو اليقين الذي تستشرفْ مستقبل عمان والمجتمع العماني بتفعيل الحوكمة وضبط الرقابة على موارد الوطن تحقيقًا للنزاهة والمحاسبة لما للوطن من أولوية في تطوير أنظمته ودعم اقتصاده بشتى القوى البشرية والإمكانات المادية الطبيعية.
تلبية احتياجات الوطن من بنية تحتية والمواطن من خدمات متنوعة ومواكبة للعولمة تجلت كركيزة أساسية في الوثيقة من خلال دور القطاع الخاص البارز في دعم الاقتصاد الوطني نظرًا لانخفاض الطلب على النفط كمصدر أساسي للطاقة في الفترة المقبلة، تحقيقًا للتنمية المتوازنة وإنشاء بيئة عمرانية حديثة ومتكاملة.
إن التطور في الدول المتقدمة يقوم على الاهتمام بجانبي الاقتصاد والتنمية والذي هو مجال أساسي في رؤية عمان ٢٠٤٠ ومبنيًا على أربع ركائز أساسية للتنوع الاقتصادي والتنمية الشاملة وهي:
1- ركيزة تحقيق الثروة من خلال اقتصاد متنوع وتمكين القطاع الخاص، وهدفت نحو التفاعل والتناغم مع معطيات العولمة والتنافس لتحقيق رغبات واحتياجات المواطن في الحاضر والمستقبل ويكون للقطاع الخاص دورًا هامًا في ذلك، والاسهام في متطلبات التنمية الاقتصادية في البلد ودعم الشباب العماني وتدريبه والأخذ بيده للاعتماد عليه في رفع اقتصاد الوطن بالاستثمار في موارده الطبيعية.
2- ركيزة تحقيق تنمية متوازنة للمحافظات، وهدفت نحو وضع رؤية متكاملة لتحقيق التنمية المتوازنة بين مختلف المحافظات والقضاء على المُعيقات التي تحولُ دون تحقيق أهداف الخطط التنموية المستدامة، وطرح الحلول أمام هذه المعيقات بما يسهم في تحقيق تنمية إقليمية متوازنة.
3- ركيزة المحافظة على استدامة البيئة، وهدفت نحو حماية الموارد الطبيعية واستخدامها الاستخدام الأمثل لحمايتها من الآثار البيئية الضارّة، وصون البيئة لتكون آمنة للمجتمع، وتطويعها لتوليد فرص اقتصادية متنوعة ومستدامة، والمحافظة على ازدهارها.
4- ركيزة إنشاء بنية أساسية حديثة ونظام عمراني متكامل، وهدفت نحو الاستثمار في البنية الأساسية كالمياه والطاقة، والاتصالات والنقل وتكنولوجيا المعلومات، بما يواكب متطلبات المدن الذكية والتواصل مع الدول المجاورة بتقديم الخدمات اللوجستية لها للمساهمة في رقي الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمار المحلي والأجنبي بمثابة دافع رئيسي للتنمية المستدامة.
ها هي عمان الحديثة بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم – يحفظه الله – والذي يسعى نحو ترجمة مجالات الرؤية الثاقبة لعمان ٢٠٤٠ ودعم ركائزها الأساسية من خلال إسداء توجيهاته السامية بتشكيل الهيكل الإداري الرشيق للدولة وتفعيل جوانب تنويع مصادر الدخل الوطني الذي سيساهم في تحقيق أهداف الرؤية التي تم استقائها من متطلبات مختلف شرائح المجتمع لخلق سبل العيش الكريم للمواطن والمنافسة العالمية نحو اقتصاد ديناميكي متنوع وتنمية مستدامة شاملة.