عليّ بن موسى البلوشي
لاشكَّ أنَّ الطموح العالي هو سرُّ النجاح، ووسيلة اجتياز الصعاب والتحديات، والتقدم لإحراز مزيد من الأهداف.
واليوم، نتحدث عن عبق موهبة فريدة غُرِست في أرض مجيدة, إنها “براء بنت عماد العوري” ابنة فلسطين، وتحديدًا رام الله الحبيبة وسيدة المدن الفلسطينية, التي يحبها ويعشقها الجميع, وتشتهر بالتراث التقليديِّ الفلسطينيِّ, وتزخر بالعديد من المعالم التاريخية والسياحية العريقة, وقد بارك الله أرضها بالمحاصيل الزراعية الهامة مثل: الزيتون والتين والمشمش واللوز، ويمارس أهلها الحرف التراثية التقليدية, جنبًا إلى جنب مع الأنشطة الثقافية الراقية.
“براء” فتاة طموحة وشغوفة، وإعلامية باهرة وعريقة في مجالها, تتمتع بصوت إذاعيٍّ رخيم منذ صغرها, أثبتت نفسها وشجاعتها رغم العديد من التحديات والصعاب, إلى أنْ تمَّ تسليط الضوء عليها, قصة “براء” قصة عجيبة ورهيبة، تحمل الكثير من المغامرات الشيقة في مسيرتها, كانت “براء” تحلم بأن تكون مذيعة وإعلامية منذ نعومة أظفارها، ودائما ما تمسك مشط الشعر وتتظاهر بأنه مايك, وتقف أمام مرآة وتقدم نشرة إخبارية, ودعمت والدتها حلمها, وساعدتها في تسجيل صوتها وإعادته، وأخذت تصحح نطقها، وتعطيها الإرشادات المفيدة؛ ومن هنا بدأت قصة براء وشغفها.
بدأت “براء العوري” مسيرتها الإعلامية منذ عام 2012م، بالتزامن مع دخولها الكلية لدراسة دبلوم صحافة وإعلام, بدأت العمل مذيعة في قسم البرامج والأخبار في “راديو مشوار” في العام نفسه, تم ترشيحها من قِبل مدير “راديو مشوار”, لأنها كانت تحمل صوتًا إذاعيًّا مبهرًا للغاية, لتكون مذيعة في البرنامج الصباحي.
“براء” إنسانة مكافحة، وقوية ولديها جراءة عالية مكَّنتها من التغلب على العديد من المصاعب في حياتها ومسيرتها الإعلامية, كما تعلمون بأنَّ مشوار أيِّ إنسان يصادف عثرات وعقبات, وكلّ المجتمعات العربية تتحفظ على عمل المرأة في مجال الإعلام أو الصحافة؛ لأنه عمل ميدانيٌّ خطير ولاسيما في دولة فلسطين, فقد تتعرض للاعتقال أو للاستشهاد برصاص قوات الاحتلال, ولأنَّ بعض الأشخاص يُفضِّلون عمل المرأة في مجال التعليم, ولا يتقبلون أنْ تعمل في مجال الإعلام, إلا أنَّ “براء” لم تعدَّت كل هذه الآراء والتحفظات, لأنَّ شغفها وحُلمها أنْ تكون إعلامية عربية وعالمية مستقبلا, ولكي تصل برسالتها التي تملأ قلبها وعقلها.
شاركت “براء” في أنشطة على المستوى المحلي, فهي إنسانة حيوية جدًّا في العمل الإعلامي والمجتمعي التطوعي, تم اختيارها أمينة سرِّ في “جمعية الإعلام المحلي” في بيت عور التحتا، مسقط رأسها في العام الماضي 2019م, ومن خلال “نادي الطفل” خاضت تجربة تسيير الأفلام الوثائقية ومناقشتها مع الجمهور في عام 2019م, ثم ترأَّسَت عرافة وتقديم “مؤتمر النقابة التأسيسية للغزل والنسيج” في عام 2019, ومع بداية انتشار فايروس كورونا في هذا العام 2020 م, انضمت للتطوع مع لجان الطوارئ في بلدتها، وقاموا بتعقيم البلدة وتوزيع نشرات توعوية حول هذا المرض على أهالي البلدة, كما قاموا بتوزيع مساعدات إنسانية للعائلات المتضررة من فايروس كورونا.
تقول “براء”: لقد تربيتُ على حُب العمل التطوعي منذ صغري, كنتُ مع مؤسسة ال Cbr لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، وشاركتُ معهم في المخيمات الصيفية.
ولا تخلو مسيرة “براء” من مشاركات في مؤتمرات ودورات تدريبية عديدة محليًّا.
خارجيًّا, سافرت في عام 2019م, إلى سلطنة عُمان- مسقط تحديدًا, في شهر فبراير بدعوة من وزارة الإعلام العماني, لحضور معرض مسقط الدولي للكتاب, ثم أعقبها المرة الثانية في شهر أغسطس, حيث تلقت دعوة من إدارة مهرجان صلالة السياحي, ثم حلَّت ضيفة على برنامج “مساء المهرجان” على قناة عُمان؛ فكانتا تجربتين جميلتين ورائعتين لها.
فيما يخصُّ كتابة المقالات, “براء” كاتبة مبدعة ولها إحساسها الخاص في التعبير, فقد كتبت عن المرأة والوطن والإنسانية والأسرى الفلسطينيين, وكان لهذه المقالات تأثير وصدى كبير, كما نشرت في وكالات محلية وعربية, وتم استضافتها في عديد من الإذاعات محلية، وإذاعة “صوت العرب” في القاهرة للحديث عنها.
خاضت “براء” تجربتها العميقة التي كادت أنْ تعرضها للاغتيال أثناء تصوير فيلم وثائقي والذي كان هو مشروع تخرجها في الكلية, لأنها قامت بتصوير هذا الفيلم في منطقة التماس مع الاحتلال, وكانت أحداث الفيلم تدور حول استيلاء الاحتلال على أراضٍ فلسطينية، وبناء جدار الغصل العنصري مكانها, وتمَّ إطلاق النار والقنابل الغاز عليها من قِبل قوات الإحتلال, هذا الموقف كان من أصعب المواقف التي مرَّت بها براء وهو محفور في ذاكرتها, هل رأيتم هذه التضحيات من أجل هذا الحب والطموح التي كانت تعشقه وتراوده من صغرها, بالفعل شعور لا يوصف حتمًا.
كما حدثتنا “براء” إنها تفتخر وتعتز بأنها من دولة فلسطين وعاصمتها القدس, هذه الأرض المباركة, وتنتمي لهذا الشعب الجبار العظيم, وأكدتْ أنها تتباهى بالمرأة الفلسطينية التي هي مثال للوفاء والقوة، ولطالما كانت المرأة الفلسطينية وستبقى هي المضحية والمربية والشجاعة والصابرة, كما قالت إنَّ لديها رسالتين: الرسالة الأولى: الإنسانية, والرسالة الثانية: وطنية لإخبار العالم الأجمع بقضيتهم العادلة, الشاب الفلسطيني يستحق كل الفرص داعيَة الجميع إلى الاستثمار في الشباب الفلسطيني الذي يجمع بين الشهادات العليا والخبرة والكفاءة والإخلاص والتفاني في العمل, كما وجَّهت رسالتها المعبرة والمليئة بالحب والامتنان لبلدها الثاني “سلطنة عُمان”, الذي يعيش في قلبها، وتدعو له أنْ يبقى بخير وسلام وزيارته مرة ثانية عمّا قريب؛ لأنها لمست حُبَّ الشعب العماني الصادق للفلسطينيين, عندما كانت تسير متوشحةً الكوفية الفلسطينية, فكان أيُّ عماني يمر وينظر يشير إليها متسائلًا بفرحة كبيرة, هل أنتِ فلسطينية؟ ويرحب بها قائلا: “أنتِ في بلدك وبين أهلك”.
لقد أثبتت هذه الفتاة الفلسطينية همَّتها وإصرارها في تحقيق مسعى أهدافها، وحققت الكثير من الإنجازات لبلدها.
وتسعى “براء” لتكون المثل الأعلى في وطنها ومجالها, وفي النهاية عزيزي القارئ، أنت شريك في صنع هذا النجاح لإعلاميتنا؛ وذلك بتشجيعها ودعمها؛ لكي تستمر، بل قد يكون دعمنا لها وتشجيعنا إياها هو الوقود الذي يلهب حماسها، ويدفعها للنجاح والتطور دفعًا. نعم! أنت شريكها في هذا النجاح بدعمك الصادق النابع من القلب، البعيد عن المجاملاتِ.
براء، إلى الأمام يا إبنة فلسطين- رام الله – بلدة بيت عور التحتا، ومن نجاح إلى آخر، وفي مشوارك إعلامي، فوطنك يستحق منك الكثير، وأنتِ أهل لذلك.