حمد الناصري
لا رَيْبَ أنّ حُسن الخُلق له عِلاقة بِسَلامة المَوقِف ، فالخُلق الحسن سُلوك يُعَكس نَقاء السَّريرة وسَلامة البيئة التي نشأ بها الانسان، وصَفاء السّريرة لها عِلاقة بالنّضج الروحي، وحسن الخُلق مصدره الإطمئنان ومبدأهُ المنطق النقي الجميل ، فَكُلما ارتقى الشُعور بالمسؤولية كُلّما كان القرار سَليماً ، وكُلّما كان القرار سَليما وناضِجاً ، كُلّما شَعرت بالإطْمِئنان لِسَلامة مَوقفك.. فَعن أبي هُريرة رضي الله عنه عن نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال (سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عَن أكثر ما يُدْخِل الناس الجنة ، قال تقوى الله وحُسن الخلق .. ) وقال صلى الله عليه وآله سلم ، أيضاً ( أنّ فَضل الصّمت لا يِعْدُو صاحِبه والمَنْطِق الحَسن يَنْتَفِع به مَن سَمِعَه ).
فالإنسان بالفطرة خُلقه قويم وسُلوكه مُسْتَقِيم ، وتَعامُله مُنْضَبِط ، فما ينطق به اللسان هو ما يَضْمَرهُ العقل الباطن ، لانه تَعْبِير عَما يَكنه القلب ويُؤمن به .؛ فعن لُقمان الحكيم عليه السلام قال وهو يَعِظ إبنه ( إذا كان الكلام مِن فِضّة فإنّ السّكوت مِن ذَهب ) وعن أبي الدّرداء رضي الله عنه عن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال ( عليك بِحُسن الخُلق وطول الصّمت فوالذي نفسي بيده ما تجمّل الخلائِق بمثلها ..) والحقيقة بمكان ، أنه كُلّما كان الانسان ذا خِصَالٍ حَمِيدة وصَفاء نِيّة وبَهاء خُلُق ومَشاعِر صَافيَة وسَريرة نقيّة ، كُلّما نالَ حَظاً أَوْفَر بمحبّة الناس له ، وكان إيمانه أوثق وإرتباطه بإنسانيّته وحَياته أعظم وأشمل ، فيزداد يَقِينه بالعَمل النافِع فينطبق عليه الحديث الشريف ( خير الناس انفعهم للناس).
إذنْ نقول إن عَلَتْ أخلاقك نُطقاً ارْتَقت مَواقفكَ وسَمَتْ إلى الطُّمأنينة ، فإذا استقرت الطُمأنينة في قلبكَ ، إلْتَزمَ الانسان بمواقف نبيلة وتَميز بِحُضور لافِت مِن السّمو والرِّفْعَة والمكانة، وإذا ما رَبطنا هذه ( الصيرورة / القضيّة ) بما قد نَصِل به إلى حَقيقة أَفْعالِنا ، كان لهذه الصيرورة امْتداداً وتَطوّراً ، ومَصْدرها فَلْسَفة يُونانية أشاعها ” هيروقليطس ” وتعني أنّ المَصْدَر ( صَار ) يَكون في حركة مُتَتالية .. وبما أَنّنا في هذه الأيّام في حَركة مُتتالية ، نَعِيشَها في وطننا العزيز عُمان كحالة صَيرورة الترقّب والقَلق ، بسبب تسارع وتقلب الأحداث والمواقف في العالم وحولنا وبسبب كثرة الأخبار المزيفة التي تُطْلِقُها مجموعات الذُّباب الإلكتروني عَبر وسائل التواصل الاجتماعي، مُسْتَغِلين ثورة التقنية والفضاءات المَفْتوحة ، لِبَثّ المخاوف واحداث هزات نفسية واجتماعية من أجل غايات أنانية وضيقة، وخَلْق تأثيرات القَلق المفتوح ، مِن خِلال طُرق مُمَنْهَجة لإستغلال حالة عدم التيقن المؤقتة التي تعيشها المجتمعات ومنها المجتمع العُماني بسبب تداعيات الاجتياح الوبائي و الانغلاق الاجتماعي إضافة الى المصاب الأليم بوفاة قائِدنا العَظيم السلطان قابوس -رحمه الله- و قد اسْتَغِل مروجو تلك الأخبار المزيفة عواطف المجتمع العُماني وحُب وتعلق العُماني بجلالة السلطان الراحل وفي ظل الإنشغال الكامل للقيادة الرشيدة بتخفيف وإنهاء تداعيات وتأثيرات الاجتياح الوبائي فأطلق الذباب الالكتروني شائِعات وجدت لها آذان صاغية مع الأسف عند بعض السذج وقليلي الوعي رغم تناقضها واسفافها وبمَنْشُورات إسْتَهدفت أحيانا الخطوط الحمر مثل النّيْلَ مِن الوحدة الوطنية وبث الفِرقة في الصّف العُماني المُتماسك. ولكن هيهات ان يتمكن الذباب من مناطحة السحاب.
فقد صدمت صَلابة الموقف العُماني وسلامة القرار العماني وحكمة السياسة العمانية كل المتربصين وأذهلتهم و اطاحت بأحلامهم أدراج الرياح ، ويتسائل الجميع عن سر القوة والحكمة التي يتمتع بها هذا البلد المعطاء والجواب بسيط ان سر القوة والحكمة العمانية تكمنان في حُسن المَنْطِق وسَلامة القَول والافعال وأن الشعب العماني أصبح يدرك ويعي أن الفضاءات الإلكترونية ، لا تَعْدُو كونها حِسابات وهمية مُغْرِضة ،وأن الذباب لابد وأن يكون مصدره القمامة وأن الأرض العُمانية الطيبة لاتخرج الا طيبا . وأنّ السهام الطائشة التي يطلقها الأعداء ستتكسر بلا أي شك على الصخرة العمانية الصلبة ، فعُمْقَ اللُّحْمَة العُمانية سمة وطنية ثابتة كثبات الرواسي في هذه الأرض وقوة وشائج المحبة والألفة والوئام لا يمكن لكل ذباب الكون من فك عراها مهما طال الزمن ، وأنّ العُمانيون باتوا محصنين ضد التُرّهات البَغِيضة ولا يَلتفتون إلى أقوال التَافهِين المُغِرضين ، ونأوا بأنفسهم عن قباحة التّفاهات ووقاحة الافتراءات الحاسِدة .
والعماني اصبح واثق الخطوة يمشي ملكا و هو أحرص مايكون على وحدته مركزا جل اهتمامه بمَسِيرته الحديثة، مستمدا ايمانه مِن جُذوره العَمِيقة وتاريخه التليد المَشْهُود ، وحضارته التي أَشْرَقت في بِقاع الارض يربطه مع كل فرد حُبّ الوطن الأَعْلَى والأغلى عظيما بتغاضيه عن الصغائر والصغار راقيا بأخلاقه و تعامله وشجاعته كريما في صفاته فارسا في خلقه وأخلاقه حتى مع من يعاديه يحدو ركبه قائد هو مثال للعماني الاصيل والمسلم الأمين ونموذج للرجل الفارس الكريم الشجاع جلالة السلطان هيثم بن طارق فطوبى لهذا الشعب هذا الخلق والمكانة ..
يمكننا أن نقول وبكل فخر أننا اكتشفنا وصفة الخلق الرفيع فورثناها وأورثناها جيلا بعد جيل و اكتشفها فينا سيد خلقه نبينا الكريم محمد صلوات ربي وسلامه عليه.
فيا أخي العُماني الأرِيب لقد سطرت اسمك بأحرف من ذهب في التأريخ وعلى سفوح الجبال الشم وحتى في الاساطير واستقبلتكَ الأمم في مَحافِل تاريخها حبا وكرامة واحترام .. فَكُن حَريصاً على وطنك العزيز ،وابق كما عهدتك أرضك الطيبة أمينا ومخلصا لِقائدك المُفدّى . دمت ذُخْراً لوطنك الشّامخ ، وارتقيت مثلا وقدوة حسنة أَبْقَى لِلذينَ يأتُونَ بَعدك فيعتزّونَ بفضلك ويفتخرون بمواقفك وثباتك على الحق .
وصْدَق قول نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه في عزة عُمان ( اللهم اهدهم وثبّتهم ).
دامت عمان حرة كريمة أبية بهية منيعة و دام أهلها وقائدها المفدى حصنا حصينا للحق والعدل و الأمان
*كاتب عُماني.
hamadalnasri111@gmail.
*الصورة من محرك البحث العالمي (جوجل).