مسقط- شؤون عمانية
يحتفل العالم في هذا اليوم الثامن من يونيو من كل عام باليوم العالمي للمحيطات بهدف تذكير الجميع بأهمية دور المحيطات في حياتنا اليومية، فهي رئة كوكبنا، وتتنج أغلب الأكسجين الذي نتنفسه، كما تنصب أهميتها على إطلاع الجمهور بآثار الأنشطة البشرية على المحيطات، وخلق حراك عالمي يجمع اهتمام الناس بها، وتوحيد شعوب العالم في مشروع للإدارة المستدامة للمحيطات على المستوى العالمي، كونها تشكل مصدرا رئيسيا للغذاء والدواء ومحيطنا الحيوي، والاحتفال معا بجمال وثروة المحيطات.
بالإضافة إلى ذلك تحتوي المحيطات على أكثر من 200 ألف نوع محدد من الأحياء البحرية، ولكن الأعداد الفعلية قد تكون بالملايين وبالتالي هي أكبر مصدر في العالم للبروتين، بحيث يعتمد أكثر من 2.9 مليار شخص عليها كمصدر رئيسي للبروتين بالنسبة لهم، ويعمل في مصائد الأسماك البحرية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أكثر من 200 مليون شخص.
وتتصدر سلطنة عمان المركز الخامس والثلاثين عالميا من حيث الإنتاج السمكي من المصايد البحرية وذلك بحكم موقعها البحري المميز والمطل على المحيط الهندي، كما تتصدر المركز العاشر من حيث الإنتاج ذاته بين الدول المطلة على المحيط الهندي، وعليه أصبحت السلطنة عضوا رئيسيا وفعالا في منظمة تعرف برابطة الدول المطلة على المحيط الهندي (Indian Ocean Rim Association) والمعروفة إختصارا بـ IORA، وتجمع 22 دولة منها سلطنة عمان وأستراليا والهند وإندونيسيا وإيران وبنغلادش والصومال وكينيا وماليزيا ومدغشقر وموزمبيق وجنوب إفريقيا وتنزانيا وتايلاند والإمارات العربية المتحدة واليمن وسنغافورة وسريلانكا وجزر القمر وسيشيل وموريشيوس ، حيث أنشئت في السابع من شهر مارس لعام 1997 وبمبادرة من رئيس جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، وهي منظمة حكومية تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي الاقتصادي والسياسي والعلمي والتنمية المستدامة داخل منطقة المحيط الهندي، إذ تضع هذه الدول جل اهتمامها على إدارة الموارد الحيوية للمنطقة والحفاظ عليها حيث تشكل المصايد السمكية جانبا رئيسيا للتنمية المستدامة.
يعتبر المحيط الهندي ثالث أكبر محيطات العالم ويحمل نصف حاويات العالم وثلث حركة البضائع الكتلية وثلثي شحنات النفط، وحوالي ثلث انتاج أسماك التونة وبالتالي هو شريان الحياة للتجارة الدولية والتنمية الاقتصادية، وتنتج دول الرابطة سلعا وخدمات تزيد قيمتها عن تريليون دولار سنويا بينما تبلغ التجارة البينية لـدول الرابطة أكثر من 777 مليار دولار، فهي أيضا غنية بالمعادن والمعادن الاستراتيجية والثمينة والموارد البحرية والثروات الزراعية، ولديها موارد بشرية كبيرة وقدرات تكنولوجية عالية.
فلا ريب تعد منطقة المحيط الهندي واحدة من أكثر وأكبر الأسواق التجارية للمنتجات السمكية، حيث تحتوي هذه المنطقة على مخازين ضخمة من الموارد البحرية غير المستغلة، وتمتلك إمكانات هائلة للحفاظ على زيادة إنتاج الأسماك، على عكس المحيطات العالمية الأخرى التي تقترب من الحد الأقصى من إنتاجها المستدام من الأسماك.
إن مصايد الأسماك والصناعات ذات الصلة لها أهمية عظيمة في ضمان الأمن الغذائي، وقد أدى كل من الاستنزاف السمكي وتغير المناخ إلى تسريع الحد من الأرصدة السمكية الرئيسية في منطقة المحيط الهندي، حيث يوفر قطاع مصايد الأسماك في المحيط الهندي الغذاء لمئات الملايين من الناس فهو مساهم رئيسي في الأمن الغذائي وتخفيف حدة الفقر وخلق فرص العمل وتوليد الدخل.
وتشير التقديرات العالمية إلى أنه تم استغلال 47٪ من المخازين بشكل كامل، واستغلال 18٪ بشكل مفرط، ونضوب 9٪ و 1٪ في حالة التعافي. لذلك يستلزم عمل إجراءات عاجلة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك المحيط الهندي، من أجل الحفاظ على موارد مصائد الأسماك في المحيط الهندي وإدارتها وتنميتها واستخدامها على نحو مستدام. ومن أجل ذلك تولي رابطة الدول المطلة على المحيط الهندي أيضا أهمية كبيرة في تعزيز التعاون في كل من قطاع إدارة مصايد الأسماك ، وكذلك الاقتصاد الأزرق، بناء على خطة عمل الرابطة الرئيسية والتي يُنظر إليها على أنها خارطة طريق تحدد الإجراءات الملموسة التي يتعين القيام بها على المدى القصير والمتوسط والطويل، بالإضافة إلى وضع ميثاق للمستقبل لتطوير الرابطة ولتعزيز التعاون في كل أولوية القطاعات ومجالات الإهتمام المشترك.
ساهمت البلدان الأعضاء في الرابطة بنسبة 20 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي من الأسماك في عام 2017. وقد نما قطاع المصايد والاستزراع السمكي في الرابطة بشكل مطرد خلال الفترة 2008-2017 ، حيث تضاعف إجمالي المصيد من الأسماك من 19 مليون طن في عام 2008 إلى 37 مليون طن في 2017. من إجمالي الإنتاج ، استحوذ إنتاج المصيد على حصة مهيمنة تبلغ 71 في المائة ، بينما استحوذ إنتاج الاستزراع السمكي على النسبة المتبقية البالغة 29 في المائة في عام 2017.
ومن أجل تحقيق أهداف الرابطة والخاصة بمعالجة القضايا الاستراتيجية للمصايد السمكية والاستزراع السمكي بالدول المطلة على المحيط الهندي إرتأت الرابطة أهمية إنشاء وحدة لدعم مصايد الأسماك (FSU, Fisheries Support Unit) تابعة لها لتستضيفها السلطنة بناء على مرسوم سلطاني صدر عام 2013 والخاص بالتصديق على اتفاقية المقر الدائم لوحدة الدعم السمكي بين حكومة سلطنة عمان ورابطة الدول المطلة على المحيط الهندي للتعاون الإقليمي، وتحت إشراف وزارة الزراعة والثروة السمكية، كما تم تعيين الدكتورة لبنى بنت حمود الخروصي المدير العام للبحوث السمكة مدير للوحدة، ومنذ إنشاء الوحدة عملت كمركز إقليمي في السلطنة على إدارة جهود الرابطة لتحديد ومناقشة القضايا الرئيسية المتعلقة بإدارة مصائد الأسماك المذكورة في خطة عمل الرابطة وتسهيل الحوار بين المستثمرين ودول الرابطة فيما يتعلق بالمسائل الاستراتيجية، ومحاور أساسي في تنمية وتطوير ما يعرف بالإقتصاد الأزرق، وتقوم الوحدة على تبادل المعرفة وبناء القدرات، فقد تمكت الوحدة من تنمية الموارد البشرية بدول أعضاء الرابطة عبر تنفيذ العديد من ورش العمل والدورات التدريبية ذات الصلة لتصبح حلقة وصل للقطاعات السمكية بين دول منطقة المحيط الهندي، ومن أهم هذه الورش والحلقات العملية التي نفذت خلال الخمس سنوات الماضية، ورشة عملية حول سلامة وجودة منتجات المأكولات البحرية، وحلقة عمل حول بيولوجية الأسماك وتقييم المخزون، وورشة عمل حول تحديد عمر السمكة باستخدام عظمة الرأس وتقييم المخزون، وندوة علمية حول تنمية الاستزراع السمكي المستدام في غرب المحيط الهندي، وحلقة عمل حول استعراض كل سنتين لمصايد الأسماك والاستزراع السمكي. ورغم كون هذه الورش والندوات جزء أساسي لتنمية الموارد البشرية للدول الأعضاء بالرابطة، فقد شمل عمل الوحدة على عمل الكثير من التشاورات وتقريب وجهات النظر بين أعضاء الرابطة في مجال القطاع السمكي، وإضافة إلى تبعية الوحدة لرابطة الدول المطلة للمحيط الهندي الا انها بحكم وجودها على أرض السلطنة وباشراف مباشر من وزارة الزراعة والثروة السمكية تمكنت الوحدة من وضع اسمها في المحافل الإقليمية والدولية فيما يتعلق بقضايا القطاع السمكي وتنميته بدول الرابطة.
وتتبع الوحدة حاليا الخطة الخمسية 2020-2025 التي تعد جزءا من استراتيجية الرابطة وتعمل جنبا
إلى جنب مع مجموعة الاقتصاد الأزرق . وتنصب الخطة على التنمية المستدامة للقطاعي المصايد السمكية والاسترزاع السمكي عبر تحديد نظراء فنيين في دول الرابطة ومعرفة احتياجات التدريب لكل دولة والعمل على انشاء دليل للمراكز البحثية والمؤسسات العاملة في مجال القطاع السمكي وما فيها من برامج وانشطة، والاستمرار في تنمية الموارد البشرية في دول الرابطة.