نوح بن عبدالله بن راشد العلوي*
اجتاح فيروس كورونا (كوفيد 19) عالمنا، وأصبح حديث مجالسنا ومواقع التواصل الاجتماعي، تسبب في تغيير مسار حياتنا اليومية، فتوقفنا فجأة عن نشاطنا اليومي، كأن الكرة الأرضية تقول لنا: إلى أين أنتم ذاهبون؟.
نعم، لقد استوقفنا فيروس كورونا وقفة خير لأنفسنا، فقد تنفسنا الصعداء وأعدنا ترتيب أولوياتنا وحساباتنا ونظّمنا وقتنا واستفدنا من المصادر المحدودة في ظل انحسارها.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب على معصيته، فاعلم إنما هو استدراج”، فنتمنى ألا نكون ممن ذُكروا في الحديث الشريف، وأن تكون جائحة كورونا مثل آلة الزمن التي ستأخذ بأيدينا إلى عالم ومستقبل أفضل.
لقد التزمنا منازلنا امتثالا لتوجيهات اللجنة العليا المكلفة بالبحث عن آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، لأن في الالتزام السلامة، لكن كيف تصرفنا؟ وهل تأقلمنا مع جائحة كورونا؟، وكيف كان مستوى الوعي لدى المجتمع، هل أثرت فينا هذه الجائحة كأفراد بشكل سلبي أم إيجابي؟.
ما رأيناه بالفعل هو زيادة وعي المجتمع حيث التزم الأفراد في منازلهم لأن هذا هو الحل الأمثل، برغم بعض التصرفات الفردية التي تنم عن سلوكيات فردية لا تمثل المجتمع ككل، ما أدى إلى ازدياد أعداد المصابين، فجزيل الشكر لجهود وزارة الصحة والقوات المسلحة في هذا العمل الوطني العظيم.
لقد أثرت جائحة كورونا (كوفيد 19) على جوانب حياتنا المتعددة، فلو تحدثنا عن أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة فقد تأثروا بشكل مباشر، ولكن استطاع البعض منهم التغلب على هذا التحديات وإيجاد مدخل آخر للتصدي لهذا الفيروس والاستمرار في التجارة الخاصة بهم، مع تأمين الحماية الكاملة للمستهلك.
وعلى الجانب الاجتماعي، فقد أثر الوباء بشكل عميق على أسلوب حياتنا وفكرنا، فترى البعض قد سابق في تعلم شيء جديد والآخر في تنمية هواية جديدة والآخر ثقف نفسه بالقراءة وهكذا.
تجربتي الشخصية في التعامل مع الأوضاع الراهنة أنني أكملت في الحجر المنزلي شهرين ونصف والتزمت بالحجر لأن هذا واجبي لأحمي نفسي وأحمي أسرتي، وتابعت جيدا كل التعليمات الصادرة من حكومتنا الرشيدة، وبالتأكيد نأمل من رب العالمين ألا تدوم هذه الغمة وأن تزول قريبا ونعود لحياتنا بشكل أجمل نتقارب ونتصافح ونرى من نحب وهم بأسعد حال.
لقد أتانا شهر الخير شهر رمضان وعيد الفطر والفيروس بيننا، فما أذهلني هو تعايش المجتمع معه والتزام الجميع بالتعليمات، فما جذب انتباهي هو التوفير في الكماليات الذي أجبرنا عليه الوضع الحالي بسبب جائحة كورونا، حيث استطاع البعض التحول من مستهلك إلى منتج، واستطاع البعض التخلي عن أغلب الكماليات التي من الممكن الاستغناء عنها، فربما أتت هذه الجائحة لتعلمنا أسلوبا جديدا في إدارة النقود والتوفير.
علينا أن نتذكر أن ما أصابنا لم يكُن ليخطأنا، وما أخطأنا لم يكُن ليصيبنا، فلعل هذا الابتلاء سيغيّر من مسار حياتنا على كافة الأصعدة للأفضل بفضل من رب العالمين.
نعم ستنتهي جائحة كورونا وسوف نعود لممارسة حياتنا الطبيعية بفضل جهود وتكاتف الجميع مع حكومتنا الرشيدة، نعم سنعود لمستقبل أفضل وواعد في التكنولوجيا والفرص الهائلة، سنعود لنعطي وطننا الغالي قدر ما نستطيع من حب وعطاء وولاء.
*طالب بالصف الحادي عشر/ صحم