سالم الرحبي
ذهب بعض المفسرين إلى أن رب العزة لم يكن ليشقَّ على بني إسرائيل حين أمرهم على لسان نبيه موسى عليه السلام أن يذبحوا بقرة، ولكن إمعانهم في السؤال وطلب المزيد من التفاسير حول شكلها ولونها جعل ربنا جل وعلا يشقُّ عليهم في المواصفات المطلوبة للبقرة.
استحضرت هذه الآيات من سورة البقرة وأنا أتابع الردود حول القرارات الجديدة الصادرة عن اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا ، وإلحاح البعض على إيجاد التفاسير حول شكل العيد وكيف يذبح ذبيحة العيد وأين يقضي العيد وكيف يقضي أيامه، ورغم أن القرارات واضحة لا لبس فيها ـ وإن كانت هناك مساحة ـ فهي مساحة تركتها الحكومة ثقةً في وعي المجتمع ، ورهانها الكبير على حس المسؤولية لدينا في التعامل مع هذه الجائحة، دون التدخل في دقائق الأمور وصغائرها مراعاةً لخصوصية العادات والتقاليد المتابينة بين كل منطقة وأخرى.
إن طلب الإيضاحات والتفاسير التي تريدها الآن قد تكون صعبة التطبيق عليك أنت قبل أي أحد، لاسيما مع تكليف شرطة عمان السلطانية بمراقبة الالتزام، فالإيضاحات لا تعجز الحكومة ولكنها اختارت وضع ثقتها الكبيرة في وعينا، وبأننا على قدر من المسؤولية تراه فينا، وما علينا سوى أن نكون عند حسن الظن، لمصلحتنا ومصلحة من نحب قبل كل شي.
العيد هذه المرة مختلف ليس بإرادتنا ولا برغبتنا وإنما بقدرة رب العزة وما تفرضه ظروف جائحة كورونا على كافة المجتمعات في بقاع الأرض، لذلك فإن القرارات أعطت الأوامر والضوابط العامة بمنع التجمعات والاحتفالات التي من شأنها أن تؤذينا نحن بالأساس وقد تؤذي من نحب. لذلك فالخيارات متروكة لك لتحددها، وتحدد مصير من تحب، وتقرر ما إذا كنت تريد أن تكون سبباً في أذيتهم ـ لاسمح الله ـ أو الحفاظ عليهم.
فالتجمعات يمكننا أن نستعيض عنها بالمعايدة عبر الهواتف التي توفر شتى أنواع التواصل، والاحتفالات يمكننا أن نقضيها في محيطنا الأسري الصغير الذي نحدده نحن وبحجم الحب الذي نكنه لأحبابنا ، وذبيحة العيد يمكنك أن تذبحها وفق التسهيلات التي وفرتها المسالخ البلدية في كل مكان ، والشواء والمشاكيك وغيرها يمكنك أن تأكلها مع عائلتك الصغيرة دون الحاجة إلى التجمعات الكبيرة، وأهل كل قرية يمكنهم أن يتفقوا على طريقة تحافظ على صحتهم وصحة أحبائهم وتقيهم شر انتقال العدوى ، وبضوابط معينة ومحددة تحفظ صحة الجميع.
أما الأنشطة التجارية والصناعية التي سيتم فتحها فمهما كانت هذه الأنشطة ما يجب علينا هو الانضباط واتباع التعليمات والإرشادات الصحية عند ارتيادها، أما بالنسبة لارتداء الكمامات والسؤال عن مكان توفرها وأسعارها، فالجهات المعنية قائمة وتقوم بدورها في متابعة أسعار كافة السلع، وهي متوفرة في كافة المراكز والمحال التجارية.
وإلى أن تنجلي الغمة ويرفع الله البلاء نسأله تعالى أن يحفظ الجميع بحفظه وأن يجنبنا الشرور والأمراض والأوبئة، وكل عام والجميع بخير.