محسن الشرياني
جميعنا نسمع عن فيروس “كورونا” وما أحدثه في كل دول العالم من رعب وقلق، لكني لم أتوقع أن أكون رقما ضمن الأرقام التي تنشر عن المصابين بهذا الوباء، على الرغم من اهتمامي بالإجراءات الصحية للوقاية منه.
لكن شاء الله أن أصاب به وأعيش تجربة مؤلمة خلال الأيام الماضية.
بدأت الأعراض بـ”حمّى” سببت لي آلام الظهر ومنعتني من النوم، لم أكن متأكدا أنها الإصابة بالفيروس، إلا أنني قررت أخذ الاحتياطات حين الدخول لمقر العمل، ارتديت “كمامة” طبية وتم فحص درجة الحرارة، ومع أنها لم تكن مرتفعة كثيرا لكن طلبوا مني مغادرة العمل احتياطا، فعدت إلى منزلي وبدأت أعراض الحمى تزيد شيئا فشيئا.
توجهت بعد الافطار مباشرة للمركز الصحي ليتم إجراء الفحص الخاص بالفيروس، وهي المرة الثانية التي أُجري فيها هذا الفحص، لم أكن أظن أن النتيجة ستكون إيجابية حتى جاءني الاتصال في اليوم التالي.
جاءني الاتصال وتأكدت حينها من إصابتي، ومع سعي الطبيب للتقصي عن الأشخاص الذين خالطتهم خلال تلك الأيام، حاولت معرفة كيف وصلتني العدوى؟
حامت شكوكي حول سببين لا ثالث لهما، إما أن تكون نتيجة للتسوق شبه اليومي لشراء أغراض الإفطار، وإما نتيجة لاستخدام جهاز السحب الآلي لأحد البنوك، وربما من مكان أخر.
لكن الأهم في الوقت الحالي هو حماية من حولي، وبدأت الاتصال بالأخوة والزملاء والجيران لكي أبلغهم بالأمر وليأخذوا حذرهم، بينما فضلت إخفاء الأمر عن والدي حتى لا يقلقهما الأمر؟
بعدها سارعت بإعداد غرفة مستقلة لأكون بها خلال فترة العزل الصحي، وقامت الأسرة تعقيم جميع أركان المنزل باستخدام الماء والكلور، حاولت الاهتمام بأدق التفاصيل حتى لا يكون هناك احتمالية لنقل العدوى لأسرتي فكان كل شيء يدخل للغرفة لا يخرج إلا إلى سلة المهملات.
أيقنت أنه ابتلاء من الله يستوجب مني الصبر، وأنه يجب علي المحافظة حتى لا تنتقل العدوى مني إلى شخص آخر.
أحمد الله أن ابتلائي لم تكن آلامه قوية، فبلطف من الله جاءت الأعراض بسيطة، لم تكن سوى حمى خفت تدريجيا وآلام بسيطة في الحلق وزكام بسيط، ولا أنسى أن أشكر أطباء المركز الصحي الذين استمروا بالاتصال اليومي بي وبأسرتي للاطمئنان علينا ومتابعة حالتي وتقديم النصائح لي أثناء هذه الفترة.
في كثير من الأحيان لم أكن أشعر بالمرض أكثر من شعوري بالانعزال والوحدة والملل، ولكن المسؤولية تحتم علي البقاء وحيدا هذه الفترة لوقاية من حولي، وكان تواصل الأخوة والزملاء والجيران مع له دور كبير ومفيد لكسر حالة العزلة والوحدة التي كنت أعيشها خلال هذه الفترة.
مرت الأيام سريعا، وأحمد الله أنني لم أكن سببا في انتقال المرض لأحد، وكنت منزعجا أنني تسببت في وضع عدد من الأخوة والزملاء في الحجر المنزلي.
علينا أن نعي أن هذا المرض قد يطرق بابنا نتيجة خطأ لم ننتبه له، وقد يسبب لنا القلق والضيق، وقد تزيد مآسيه إن لم نشعر بالمسؤولية ونسعى لتجنيب انتقاله للأخرين الذين يعانون من أمراض مزمنة.
علينا أن لا نتردد في إجراء الفحص في حال الشعور بأعراض الحمى والزكام وآلام الحلق، وأود أن أخبركم أن الفحص لا يؤلم مثلما يظن البعض، وهو مهم لكي تطمئن وتقي نفسك ومن حولك من خطر انتقال العدوى.
في حال الإصابة بالمرض ـ لا قدر الله ـ لا بد أن يصبر المرء على ابتلاء الله وعليه أن يتحمل المسؤولية ويسعى لحماية من حوله، وبإذن الله سيتجاوز هذه المحنة متى التزم بتعليمات الطبيب المتابع.
ربي ابتليتني بهذا الداء، ولطفت بحالي بتخفيف أعراضه، وأنعمت عليّ بالشفاء منه، وجنبت أهلي انتقال عدواه، فلك الحمد يا رب في السراء والضراء، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، سبحانك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، أستغفرك وأتوب إليك.