ناصر بن محمد الحامدي
دار بيني وبين أحد أصدقائي حديثا عام 2018، قال لي حينها: “سوف يحدث انهيار اقتصادي عالمي عام 2020م بسبب جائحة”، لم أصدقه، وجاء فيروس كورونا كوفيد 19 ليؤكد ما تنبأ به صديقي.
قبل أيام تذكرت أحد الأصدقاء الذي لم أتواصل معه منذ فترة، وقمت بالاتصال به، وعندما أجابني بدأ حديثه معي باستغراب كبير، حيث أقسم لي أنه كان يكتب اسمي في هاتفه ليتصل بي، ولم ينتهي من البحث إلا وأنا اتصل به، تخاطُر ذهني عجيب دار بيني وبينه.
الدكتور مصطفى محمود في أحد حلقات برنامجه العلم والإيمان، ذكر أنه رأى في المنام أحد أصدقائه ويدعى جلال العشري يمشي مع زميل له في شارع سليمان باشا بمصر، وكانا يتحدثان في مواضيع مختلفة، وعندما استيقظ من النوم اتصل بصديقه وحكى له بالتفصيل ما رآه في منامه، المكان والزمان والحديث الذي دار بينهما، مما جعل الهاتف يقع من يد صديقه متعجبا من تطابق ما حدث في منام الدكتور مصطفى محمود مع مع حدث في منامه هو أيضا، جلاء سمعي وبصري حدث للدكتور محمود في منامه.
وحوادث أخرى حدثت لأشخاص من مختلف الأعمار والأديان سمعناها أو قرأناها لا يتسع المقام الآن لذكرها وهي كثيرة.
في الحقيقة ما يسمى بالتأملات والخوارق الباطنية تحدث على مستوى الأمور الذهنية المجردة كالتخاطر”التلباثي” أو التنبؤ أو الجلاء البصري والسمعي، لا على الأمور المادية الملموسة كمقدرة شخص على دفع آخر دون أن يلمسه أو تطويع شخص لشخص ما لخدمته ماديا أو معنويا.
هذه الظواهر في نظرنا تعتبر خارقة للعادة أو كما يحلو للبعض تفسيرها أنها من خارج الطبيعة “الميتافيزيقا” لكنها في الحقيقة هي من الطبيعة “الفيزيقية” أي هي خارقة لعادة الحواس الخمس البشرية ولكنها من ضمن منظومة الكون والوجود وربما يكشف العلم النقاب عنها مستقبلا بأدواته العلمية المستجدة.
هذه الخوارق الباطنية غير العادية مغروسة كموهبة جبلية في النفس البشرية أكثر من تعلمها وامتهانها، لكن يقال أنه بالإمكان تعلمها والتدرب عليها، وهذا المجال تشوبه الخرافات والأساطير الشعبية بهدف التكسب المادي والشهرة.
وهي موهبة تحدث عادة ولا علاقة لها بمعتقدات الشخص أو دينه فهي تحدث لكل الأشخاص ومن جميع الأجناس والأعمار والأديان والمعتقدات، والدراسات العلمية حولها لا تزال ضعيفة وغير مثبتة، مجرد فرضيات لا أكثر، لكنها تدرس بشكل منظّم بمعاهد في الغرب الأوروبي وأمريكا، وأغلبها معاهد دينية، والمجال العلمي الذي يتبنى هذه الظواهر هو أحد مجالات علم النفس ويدعى “الباراسيكولوجي”.
يقول أهل التجربة عن هذه الظواهر: “إن العبادة الدينية تجلِّيها وخاصة التأمل العميق، أو “النيرفانا” وهي الانطفاء الكامل في الديانة البوذية بعمل الشاكرات السبع، وكذلك الخلوة والتجرد من الأحقاد وتصفية النفس كاملا كما في الطرق الصوفية “التخلي قبل التحلي” حيث تظهر هذه القدرات وتتقوى، وأقرب الوسائل لتقويتها النظافة الداخلية وصفاء النفس من الأحقاد وذلك بالدخول العميق في التأمل الكوني والصلاة”.