مريم بنت خميس الشحية
الإنسان بطبيعته لم يخلقه الله شريرا أو ضارا أو حتى مجرما، وصحيح بأنه كما قال الشاعر: “لكل إنسان طبيعتان .. خير وشر وهما ضدان”، لكن هذا ليس دعوة أو مبررا لأن نكون أشرارا أو مجرمين، وإنما توضيح أنه بيدنا أن ننمي الخير الذي بداخلنا أو الشر.
أنا لا أنكر وجود الشر في داخل كل إنسان ولكن -كما أسلفت- كل منا مسؤول عن ذلك الشر؛ إما بتنميته أو دفنه أو حتى ترويضه.
وفي هذا المقال نتحدث عن الآثار المترتبة على غياب روح العدالة والإنسانية والظلم المجتمعي، والتي تكون السبب في شيطنة كل إنسان.
جميعنا يعلم بأن الظلم من أعظم المسببات للفساد في أي مجتمع منذ بدء الخليقة وإلى يومنا هذا، الظلم هو من إنتاج البشر عبر الزمن وهو منتج قد تنتجه القبيلة أو الطائفة أو جماعة دينية معينة أو حزب سياسي، أو كما هو في واقع الحال في الدول الرأسمالية.
والأدهى من ذلك حينما يكون الظلم نتاج الذكورة “ذكور الأسرة” عندما يتسلط ذكور الأسرة على النساء ويتم اضطهادهن، سواء بتزويجهن بالإكراه لذكور يشابهونهم في التفكير والعقل ويزداد الاضطهاد، حينها لن تتحمل المرأة ما يحدث لها، فيتغلب عنصر الشر بداخلها وترتكب جريمة القتل بصوره وطرقه المختلفة، أليس هذا الظلم من صنع البشر؟!
وفي المقابل إن عكسنا الموضوع ولم تقم تلك المرأة بتنمية الشر الذي بداخلها، بل كان ضعفها أقوى من ذلك، وحاولت مرارا -بتسامحها وإنسانيتها- تغيير ذلك الوحش الذي يدعى زوجها ولكن دون جدوى، ثم قررت الانفصال وتركه بعد أن سئمت من محاولاتها الفاشلة، فرجعت إلى منزل ذويها واستقبلها أهلها الذكور بالضرب بحجة أنه لا يمكنهم تحمل عار الأخت أو البنت المطلقة، لتموت تحت أيديهم.
أليس هذا نتاج ظلم مجتمعي مقيت يدعى بالعار؟
أولم يصل هؤلاء الذكور إلى هذه المرحلة بسبب الظلم الذي وقعوا فيه بتربيتهم على هذا النحو من التربية الخاطئة بحجة العار والعادات والتقاليد التي لا تمت للدين بصلة؟
بذلك يصبح الظلم منتج مجتمعي، وهذا المنتج الاجتماعي هو إفراز طبيعي عند غياب روح العدالة، وهذا ما يسبب انحدار الأخلاق والقيم الإنسانية.
الظلم الاقتصادي في الدول الرأسمالية وحتى الدول الاشتراكية وسوء توزيع ثروات البلاد على الشعوب، يؤدي إلى إنتاج وانتشار المجرمين بسبب سوء الوضع الاقتصادي لديهم، وبالتالي تزيد الدول من هيمنتها واضطهادها بإلقاء القبض على هؤلاء ووضعهم في سجون عقابية، وعوضا عن إصلاحهم تقوم بتعذيبهم وإيذائهم؛ والنتيجة هي ازدياد كرههم للدولة التي هم فيها لتنتهي مدة المحكومية وينمو الشر في داخل كل مجرم ويزداد في إجرامه.
أليس هذا كله بسبب غياب روح العدالة والإنسانية؟!
إذا ما هو الحل بنظرك أخي القارئ؟
ألا يمكن إيقاظ الحس الإنساني وتطوير الوعي الأخلاقي لدينا؟ فالإنسان لا يُقاد بالعصي والأسلحة وإنما بالعقل والضمير.
من خلال ما سبق وددت أن أوصل إلى ذهنك أخي القارئ بأن الإنسان لم يخلقه الله ويجبره على أن يكون مجرما أوشيطانا، بل ذلك كله نتاج المجتمع والظروف التي يمر بها، سيمر في ذهنك سؤال وتقول: هناك الكثير من البشر يعيشون في ظروف أقوى وأتعس من تلك ولم يصبحوا مجرمين، نعم أوافقك الرأي وهنا أقول لك ما قلته في بداية المقال: جميعنا لا يستطيع التغلب على الشر الذي بداخله، تعلم أخي القارئ كبت الشر وقتله بتنمية الخير الذي بداخلك.
الإسلام دين السلام والتسامح، فحاول قدر الإمكان أن تكون متسامحا ومتصالحا مع نفسك وعن قناعة وبإذن الله ستنجح في ذلك.
*الصورة من محرك البحث العالمي(جوجل)