جمانة اللواتي
منذ بداية أزمة “جائحة كورونا المستجد” ظهرت العديد من السلوكيات والممارسات غير الصحية، والتي يعد من أبرزها إطلاق الشائعات والترويج لها، ومما زاد الأمر سوءً أننا نتعامل مع فيروس جديد ومتغير، لازالت الدراسات تقام عليه بشكل مستمر ولازال العالم لا يمتلك إجابات مؤكدة وواضحة عن الكثير من التفاصيل حوله.
بتاريخ 8 ابريل أعلن حساب ” عمان تواجه كورونا” -الذي يدار من قبل مركز التواصل الحكومي- رصده لـ 40 شائعة وقد قام بالتصدي لها، كما أعلن الادعاء العام فرضَ عقوبات على عدد من مطلقي الشائعات والمروجين لها، ولكن -للأسف الشديد- لازال الأمر مستمرا وبشكل يومي، حيث ترصد الجهات المعنية قرابة 3 شائعات يوميًا !.
وبعيدا عن الدوافع وراء إطلاق الشائعات في وقت عصيب وحرج كهذا، إلا أنه يجب الالتفات إلى أمر بالغ الأهمية، وهو أن الكثير من الأشخاص الذين ينشرون هذه الشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي هم من المتعلمين والمثقفين، وأحيانا حتى من العاملين في القطاع الصحي، كل ذلك تحت ذريعة وحماية جملة “كما وصلني” وكأنها صك براءة تعفي الفرد من تحمل مسؤولية هذا الخطر الكبير الناتج عن نشر الأخبار المضللة، والتي تستلزم وعيًا جماعيًا مجتمعيًا حتى يقف الأفراد جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الدولة للتصدي لتبعات انتشار هذا الفيروس وعبوره بأقل الخسائر.
ربما لا يعي بعض الناس حجم الخطورة المتمثلة في انتشار الشائعات سواءً على صعيد الدولة أو الأفراد، ولكن هناك دراسة دولية أجريت مؤخرا أشارت إلى أن الأخبار المضللة أسرع انتشارًا وأكبر تأثيرًا من الأخبار الرسمية. وهذه كارثة حقيقية؛ لأن الشائعات -وللأسف الشديد- متنوعة وكثيرة، وبعضها تخصصية تتعلق بالعقاقير وأنواعها ومدى نجاعتها، وطرق الوقاية التي لا يوجد لها أي سند علمي صريح، ناهيك عن الشائعات حول أعداد المصابين وطرق العدوى… مثل ما حصل قبل فترة عندما تناقلت وسائل التواصل شائعة حول طالب عماني مبتعث عاد من الولايات المتحدة ولم يلتزم بإجراءات الحجر المنزلي، ونقل الفيروس لـ 15 شخصًا من أفراد عائلته، أو بعض الشائعات التي تهدف إلى التلميح لقصور معين من الجهات الرسمية في الدولة، وكأنه يجب أن يكون هناك ملام في هذه المعركة: إما الدولة، أو الأفراد، متناسين أننا جميعًا نشترك في الحرب ضد هذه الأزمة .
ورغم أن البعض يرى أن هذا الفيروس أكسب المجتمع ثقافة صحية لا بأس بها، إلا أن كمية الأخبار والمعلومات التي يتم ضخها بشكل يومي في وسائل الإعلام ووسائل التواصل سببت قلقا وتوترًا للكثيرين، حتى صارت هناك مصطلحات متداولة مثل: التخمة من الأخبار، أو سمنة المعلومات، والخطورة الكبرى في الأمر أن هذه الشائعات إذا تسللت ضمن الأخبار الصحيحة فسوف تؤدي إلى تشتت التركيز عن الإجراءات الصحيحة التي يجب اتباعها، وفعلاً صرنا نسمع من البعض تصريحاً بالتهاون؛ بسبب وجود الكثير من الأخبار، وعدم القدرة على التمييز بين الخبر الصحيح والخاطئ .
وأخيراً، فالتصدي للشائعات يتطلب مجهودا من قبل الجميع -مؤسسات وأفراد- والواضح أن الدولة طبقت خططا وتعليمات صارمة حول هذا الأمر، مثل ملاحقة مطلقي الشائعات والمروجين لها قانونياً، ولكن من الجدير الالتفات إلى التالي :
- مقدمو الرعاية الصحية والعاملين في المجال الطبي يجب أن يكونوا على دراية بأحدث المستجدات والدراسات حول هذا الفيروس المتغير، كما يجب عليهم الامتناع عن إبداء رأيهم في حالة عدم وجود معلومات مؤكدة لديهم.
- عدم تشجيع سلوك مطلقي الشائعات، وذلك عن طريق عدم إعادة الإرسال، وعدم النشر في مواقع التواصل ومجموعات الواتس اب حتى لا تحدث بلبلة، بل يجب الإبلاغ عن أي شائعات يتم رصدها للجهات المختصة.
- وعلى المستوى العالمي فهناك تشجيع على استخدام التكنولوجيا في منع انتشار الشائعات عن طريق استخدام تقنيات متطورة تزيل الأخبار المضللة من محركات البحث ومن مواقع التواصل، وإذا كان استخدام هذه التقنيات ممكنا في السلطنة فإن ذلك سيكون أمرًا جيدًا جدا.